نعم يمكن نفوذ الكفالة حينئذ في حق المكفول بالإضافة إلى الكفيل إذ ابتنى رضاه بالكفالة على تعهده بالاستجابة له في الحضور إن كفله، دفعا للضرر الوارد على الكفيل لو لم يحضر، فالمسجون بظلم مثلا قد يرضى الظالم بخروجه من السجن موقتا إذا كفله شخص وتعهد برجوعه بعد الوقت، كما قد يتعارف في زماننا، وحينئذ إذا طلب من شخص أن يكفله عند الظالم متعهدا له بالرجوع للسجن بعد الوقت لئلا يقع الكفيل في الضرر فكفله ذلك الشخص بناء على التعهد المذكور وجب عليه الحضور، وجاز للكفيل إحضاره وإجباره على الحضور بمقتضى نفوذ التعهد المذكور، وإن لم يستحق المكفول له حضوره،، بل كان ظالما في ذلك، إلا أن يكون الحضور محرما فيشكل الأمر، كما إذا كان يتعرض في رجوعه للسجن للهلكة أو لضرر يحرم تحمله.
تتميم:
المعروف من الكفالة هي كفالة النفس التي تبتني على التعهد بحضور المكفول لاستيفاء الحق منه، وهي التي سبق الكلام فيها. والظاهر مشروعية الكفالة المتمحضة في المال، المتعارفة في زماننا هذا، وهي تعهد الكفيل للمكفول له بأداء حقه الثابت له على المكفول، لا بمعنى جعل الحق المذكور في ذمة الكفيل وبراءة المكفول منه - كما يأتي في الضمان - بل بمعنى تعهد الكفيل للمكفول له بحصوله على حقه بأن يؤديه له الكفول، فإن لم يفعل أداه هو عنه، من دون أن تقتضي الكفالة المذكورة براءة ذمة المكفول من الحق.
والظاهر عدم اشتراط إذن المكفول في هذا القسم من الكفالة، بل يكفي رضا الكفيل والمكفول له عليها ورضاهما بها.
(مسألة 18): كما تجري هذه الكفالة في الأمور الذمية تجري في الأعيان الخارجية، كما لو قال: لا تتعقب السارق وأنا كفيل بما أخذ، أو لا تخاصم الغاصب وأنا كفيل بما غصب، على معنى أنه مسؤول بإرجاع عن المال ومع تعذره فهو مسؤول ببدله، من دون أن تبرأ ذمة صاحب اليد مما أخذ.
(مسألة 19): لا يعتبر في هذه الكفالة ثبوت الحق وانشغال ذمة المكفول