زيد لعمرو: اشتر لي البضاعة الفلانية، قاصدا الشراء له مجانا من دون أن يدفع له دلالية، فإذا لم يعجب عمرا ذلك تحايل في أخذ الدلالية منه بأحد وجهين..
الأول: أن يأخذ منه الدلالية بإضافتها للثمن مع إيهام أن الثمن هو المجموع.
الثاني: أن يتفق مع البايع على زيادة الثمن من أجل أن يدفع الدلالية له.
لكن الأول سرقة محرمة، والثاني مخالف لقصد المشتري الذي وكله، لأن مطلوبه منه تحري أرخص الأثمان، ثقة به واعتقادا بأنه لا يأخذ لنفسه شيئا، فلا يكون الشراء بالثمن المذكور مأذونا فيه ويخرج عن شرط وكالته فيبطل الشراء، ولا يستحق البايع الثمن كما لا يستحق هو الدلالية.
وقد يلجأ بعضهم إلى أن يأخذ المشتري للبايع مع اتفاق مسبق مع البايع أن يزيد في الثمن من أجل الدلالية، فيخبر البايع المشتري بالثمن الأكثر، فيرضى به ثقة بصاحبه الذي أرشده للبايع المذكور، لتخيل أنه أرشده لصاحب الثمن الأقل. وهذا الطريق وإن لم يستلزم بطلان البيع، إلا أنه يبتني على خيانة صاحبه - الذي ائتمنه واسترشده - وغشه، وذلك من أعظم المحرمات، فاللازم اجتناب هذه الطرق الملتوية وأمثالها، وسلوك الطرق الواضحة الصريحة تجنبا للحرام وليطيب المكسب ويهنأ.
(مسألة 4): إذا تعارف دفع البايع الدلالية في المسألة السابقة من دون حاجة إلى اتفاق خاص بينه وبين الوسيط، بحيث يكون السعر الذي يطلبه هو السعر الطبيعي، ولم يكن هناك بايع آخر بدون الثمن الذي يطلبه جاز للوسيط الشراء لمن طلب منه بالثمن الذي يعينه البايع المذكور، وحل له أخذ الدلالية، ولا يجب عليه حينئذ تنبيه المشتري الذي طلب منه التوسط ولا إعطاء الدلالية له، كما لا يجب عليه التنازل عن الدلالية وعدم أخذها من البايع من أجل أن ينقص الثمن لصالح المشتري الذي استعان به واستنصحه، لعدم كونه غاشا له حينئذ بعد جريه على النحو المتعارف من دون التواء وتحايل.
(مسألة 5): إذا أدى المطلوب منه ما طلب بقصد التبرع والمجانية لم يستحق شيئا. ولو دفع له الأجر لم يستحقه، فليس له أخذه إلا إذا قصد الدافع