كتاب البيع. نعم لا بأس باستئجار العين المذكورة للانتفاع بنمائها بمثل الأكل والشرب من دون أن يملك.
(مسألة 4): تكرر على ألسنة بعض الناس إطلاق إجارة النقد أو الذهب أو نحوهما على دفع الأمور المذكورة ليتعامل بها بالبيع والشراء ونحوهما أو ليعمل فيها بمثل الصياغة ونحوها ثم إرجاع مثلها بعد مضي المدة المضروبة.
ولا يخفي أن الاطلاق المذكور تسامحي، لخروج المعاملة المذكورة عن الإجارة في الحقيقة من وجهين:
الأول: ابتناؤها على تملك الأعيان بأنفسها، وترتيب آثار الملك عليها كالبيع والاستهلاك وغيرهما.
الثاني: عدم رجوعها بأعيانها بعد انقضاء المدة وإنما يسترجع مثلها.
وليست هذه المعاملة في الحقيقة إلا اقتراضا للأمور المذكورة فيتملكها المقترض ويتصرف بها تصرف المالك، وتنشغل ذمته بمثلها، فيجب عليه إرجاعه لا إرجاعها بأعيانها. وعلى ذلك تكون الأجرة في الحقيقة فائدة في مقابل القرض المذكور، وتدخل المعاملة في القرض الربوي المحرم. نعم تصدق الإجارة حقيقة في مثل إجارة الذهب المصوغ للبسه والتزين به مدة بأجرة، على أن يبقى على ملك صاحبه ويرجع إليه بعينه بعد انقضاء المدة.
(مسألة 5): الإجارة تبتني على ملكية المستأجر للمنفعة والمؤجر للثمن بمجرد وقوعها قبل استيفاء المنفعة، حيث يلزم كل من المتعاقدين بملكية المنفعة في مقابل الثمن، ولذا كانت من العقود التي يجب الوفاء بها بتسليم كل من العوضين لصاحبه. وهناك طرق أخرى لاستحقاق الأجر على المنفعة لا تبتني على الالزام والالتزام، كالجعالة والاستيفاء بالضمان والإباحة بالضمان.
ويأتي الكلام فيها في خاتمة كتاب الإجارة إن شاء الله تعالى.
(مسألة 6): حيث كانت الإجارة من العقود، فلا بد في تحققها من التزام المؤجر والمستأجر بها وإبرازهما للالتزام المذكور بالعقد المتضمن لذلك باللفظ أو بغيره، على النحو المتقدم في عقد البيع وبالشروط المتقدمة ففيه، وتجري هنا جميع الفروع الجارية هناك، فلتراجع.