وآله بمكة عام الفتح فأذن في متعة النساء، فخرجت أنا وابن عم لي وعلينا بردان لنفعل ذلك، فلقتني امرأة فأعجبها حسني فتزوجت بها وكان الشرط عشرين ليلة، فأقمت عندها ليلة فخرجت فأتيت النبي صلى الله عليه وآله وهو بين الركن والمقام، فقال: كنت أذنت لكم في متعة النساء وقد حرمها الله تعالى إلى يوم القيامة فمن كان عنده شئ من ذلك فليخل سبيلها ولا يأخذ مما آتاها شيئا.
وهذا اضطراب لأن بين الوقتين قريب من ثلاث سنين، فإن قالوا: حرمها يوم خيبر وأعاد ذكرها بمكة وهذا لا يمنع، قلنا: هذا باطل لأن ابن سبرة روى أن النبي صلى الله عليه وآله أذن فيها بمكة، فإن: قالوا حرمها بخيبر ثم أحلها بمكة ثم حرمها، وهذا سائغ في شرعه يحل شيئا ثم يحرمه، قيل: هذا يسقط بالإجماع لأن أحدا ما قال: إن النبي صلى الله عليه وآله أباحها دفعتين وحرمها دفعتين ودخل بينهما نسخ دفعتين وتحليل دفعتين، فالإجماع كلهم يسقط هذا التأويل.
وابن عباس كان يفتي بها وناظره على ذلك ابن الزبير وهي مناظرة معروفة رواها الناس ونظم الشعراء فيها القول، فقال بعضهم:
أقول للشيخ لما طال مجلسه يا صاح هل لك في فتوى ابن عباس هل لك في فتية بيضاء تهكنه تكون مثواك حتى يصدر الناس فإن قالوا: رجع عن لك، قيل: لا يقبل ذلك لأن قوله مجمع عليه ورجوعه ليس عليه دليل.
مسألة 120: إذا تزوج امرأة قد طلقها زوجها ثلاثا بشرط أنه متى أحلها للأول طلقها كان التزويج صحيحا والشرط باطلا، وللشافعي فيه قولان: أحدهما وهو الأظهر الذي نص عليه في عامة كتبه مثل ما قلناه، وقال في القديم والإملاء:
النكاح باطل، وبه قال مالك.
دليلنا: قوله تعالى: فانكحوا ما طاب لكم من النساء، وهذا نكح من طاب فمن أفسده بمقارنة الشرط له كان عليه الدلالة.