مسألة 116: إذا تحاكم ذميان إلينا كنا مخيرين بين الحكم بما يقتضيه شرع الإسلام وبين ردهم إلى أهل ملتهم، وللشافعي فيه قولان: أحدهما مثل ما قلناه وهو أصحهما عندهم، والآخر يجب عليه أن يحكم بينهما وهو اختيار المزني.
دليلنا: قوله تعالى: فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم، وهذا نص، وأيضا إجماع الفرقة عليه.
مسألة 117: يكره إتيان النساء في أدبارهن وليس ذلك بمحظور.
ونقل المزني كلاما ذكره في القديم في إتيان النساء في أدبارهن، فقال: قال بعض أصحابنا حلال، وبعضهم قال: حرام، ثم قال: وآخر ما قال الشافعي: ولا أرخص فيه بل أنهي.
وقال الربيع: نص على تحريمه في ستة كتب، وقال ابن عبد الحكم وقال الشافعي: ليس في هذا الباب حديث يثبت، وقال: القياس أنه يجوز، قال الربيع:
كذب، والذي لا إله إلا هو فقد نص الشافعي على تحريمه في ستة كتب.
وحكوا تحريمه عن علي عليه السلام وابن عباس وابن مسعود وأبي الدرداء، وفي التابعين عن الحسن البصري ومجاهد وطاووس وعكرمة وقتادة، وبه قال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه.
وذهب زيد بن أسلم ونافع إلى أنه مباح، وعن ابن عمر روايتان، إحديهما أنه مباح، وحكى الطحاوي عن حجاج بن أرطاة إباحة ذلك.
وعن مالك روايتان: أهل المغرب يروون عنه إباحة ذلك، وقالوا: نص عليه في كتاب السر، وروى ابن مصعب عن مالك وأصحابه بالعراق يأبون ذلك ويقولون: لا يحل عنده ولا يعرف لمالك كتاب السر.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وأيضا الأصل الإباحة، والمنع يحتاج إلى دليل، وأيضا قوله تعالى: فاعتزلوا النساء في المحيض، وإنما أراد مكان الحيض فدل على أن ما عداه مباح، وقال تعالى: نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى