وإن اختار فسخ نكاح هذه لم يكن له ذلك، لأن الفسخ في الفضل عما له إمساكه، وليس هاهنا من يمسكه غيرها، فليس له الفسخ، وإن فسخ كان فسخه كلا فسخ لأنه فسخ في غير وقت الفسخ، فهو كما لو اختار واحدة من البواقي قبل إسلامها فإن الاختيار باطل، فإن خالف وفسخ فإن أقام البواقي على الكفر حتى انقضت عددهن وقع الفسخ باختلاف الدينين، وثبت نكاح هذه التي اختار فسخ نكاحها، وإن أسلمن أجمعهن في العدة كان له أن يختار غير التي اختار فسخ نكاحها، فإذا فعل ثبت نكاح التي اختارها، وانفسخ نكاح البواقي، وهذه من الجملة.
وإن اختار التي اختار فسخ نكاحها بعينها، قيل فيه وجهان: أحدهما أن ذلك له، لأن وجود ذلك الفسخ كلا فسخ، والثاني ليس له ذلك، لأن الاختيار في الفسخ إنما لا يكون فسخا إذا أقام البواقي على الكفر، ولم يبق هناك من يفسخ عليها، فأما إذا أسلمت البواقي حصل هاهنا من يفسخ ويختار غيرها، فبان أن الفسخ صح في حقها فلم يكن له أن يختارها، وهذا هو الأقوى.
ولو أسلم وعنده زوجات إماء فأسلم بعضهن وهو على صفة يجوز له نكاح الإماء، وأسلم بعضهن وهو على صفة لا يجوز له نكاح الإماء، فكل من أسلمت وهو على صفة له نكاح الإماء كان له الاختيار، وكل من أسلم وهو على صفة ليس له نكاح أمة بطل نكاحها.
إذا كان له أربع زوجات إماء وحرة فأسلم وأسلم الإماء معه، وأعتقن وتأخرت الحرة، لم يكن له أن يختار شيئا من الإماء لا قبل العتق ولا بعده، أما قبله فلانه متمسك بحرة، وهي التي على الشرك، وليس له بعد العتق، لأن وقت الاختيار حين اجتمع إسلامه وإسلامهن وكن حينئذ إماء.
فإذا ثبت أن ليس له الاختيار، إما أن لا يختار أو يخالف فيختار، فإن لم يختر واحدة منهن، نظرت فيما يكون من الحرة: فإن أسلمت قبل انقضاء عدتها ثبت نكاحها، وبطل نكاح الإماء، وإن أقامت على الشرك بانت باختلاف