هربت العاقلة لأنها في مقابلة الاستمتاع.
الرابعة: إذا كان زوجها عاقلا وهي مجنونة صح أن يولي عنها، لأن الإيلاء أن يمتنع من وطئها بعقد يمين أكثر من أربعة أشهر، فإذا كان عاقلا صح هذا ويضرب له المدة، فإذا تربص أربعة أشهر لم يملك أحد المطالبة عليه بفيئة ولا بطلاق، ولأن من النساء من تختار المقام مع زوجها على ذلك.
إذا قذف الرجل زوجته المجنونة لا حد عليه، لأن الله تعالى قال: " والذين يرمون المحصنات " يعني العفائف، والمجنونة لا توصف بذلك بلا خلاف، ومتى أراد اللعان فلا يخلو: أن تكون حائلا أو حاملا.
فإن كانت حائلا لم يكن له اللعان لأن المقصود به درء الحد أو نفي نسب وليس هاهنا واحد منهما، وفيهم من قال: له اللعان هاهنا ليوقع الفرقة المؤبدة، وهو ضعيف عندهم.
وإن كانت حاملا فوضعت كان له اللعان على نفيه، لأن نفي الولد من المجنونة كنفيه من العاقلة، فإذا التعن تعلق به أربعة أحكام: نفي النسب، ودرء الحد، وإيقاع الفرقة، والتحريم المؤبد، فيتعلق به ثلاثة منها غير درء الحد، لأنه لم يجب عليه، وقال قوم: هذا خلاف الإجماع لأن أحدا لم يقل بذلك.
ويقوى في نفسي أنه ليس له اللعان لأن لعانه لا تأثير له، وإنما تتعلق أحكام اللعان بلعانهما معا، وهاهنا لا يصح منها اللعان، ومن خالف في ذلك بناه على أن هذه الأحكام تتعلق بلعان الرجل وحده، وعلى هذا إذا أتت زوجته المجنونة بولد من الزنى لحق به، لأنه لا طريق له إلى نفيه عن نفسه، وكذلك إن قذف زوجته بالزنى وكذبته لا عنها ونفي ولدها، وإن صدقته وقالت: أنا زنيت وأتيت به من زنا، لحقه ولم يكن له أن يلاعن لأنها ولدته على فراشه.
فإذا ثبت هذا فمن قال تتعلق به ثلاثة أحكام قال: إن أكذب الزوج نفسه فالأصل في من لاعن زوجته ثم أكذب نفسه أن يقبل منه ما عليه دون ما له، والذي عليه لحوق النسب ووجوب الحد، والذي له زوال الفرقة وارتفاع التحريم المؤبد