بكونه في يد المرتهن، ولم يتفقا على من يجعلانه في يده من عدل أو ممن يرضيانه لذلك أخذه الحاكم وآجره، وجعل لكل واحد من الشريكين قسطا من الأجرة، ويكون إيجاره له إلى حين محل الدين ليمكن بيعه في حق المرتهن، وإذا أذن الراهن للمرتهن في قبض الرهن ثم رجع عن الإذن في ذلك، ومنعه من قبضه لم يجز له ذلك لأن بالإيجاب والقبول أوجب قبض الرهن، فليس له بعد ذلك الرجوع فيه ولا منعه منه.
وإذا رهن شيئا ثم جن أو أغمي عليه كان للمرتهن قبضه، لأن ذلك قد لزم بالإيجاب والقبول، وإذا رهن انسان شيئا ثم خرس، فإن كان يحسن الإشارة أو الكتابة فأشار أو كتب بالإذن في القبض كان جائزا وقام ذلك منه مقام الكلام، وإن كان لا يحسن الكتابة ولا يعقل الإشارة لم يجز للمرتهن قبض الرهن لأنه يفتقر إلى رضاه وكان على وليه تسليمه إليه لأنه بالعقد قد وجب ذلك الرهن.
وإذا قبض المرتهن الرهن بإذن صاحبه، فقد لزم بغير خلاف ولم يجز للراهن فسخه لما قدمناه من أنه وثيقة المرتهن على الراهن فلا يجوز له إسقاطه، ويجوز للمرتهن إسقاطه وفسخ الرهن لأنه حقه ولا حق للراهن فيه، فإذا كان كذلك وأسقطه أو فسخه بأن يقول:
فسخت الرهن أو أبطلته أو أقلته فيه أو ما جرى مجرى ذلك كان جائزا، فإن أبرأه من الدين أو افترقا سقط الدين وبطل الرهن، لأنه يتبع الدين فإذا سقط الدين سقط الرهن، فإن أبرأه من بعض الدين أو قضاه بعضه لم ينفك الرهن، فكان باقيا بحاله إلى أن لا يبقى من الدين شئ، لأنه وثيقة المرتهن على جميع ماله من الدين إلى أن لا يبقى منه قليل ولا كثير.
وإذا آجر المرتهن الرهن من صاحبه أو أعاره لم ينفسخ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون إيجاره له أو إعارته قبل القبض أو بعده، لأن استدامة القبض ليست شرطا فيه، وإن كان إعارته له وإيجاره غير جائز لأنه ليس للمرتهن التصرف فيه، وأجرة الرهن للراهن دون المرتهن، وإذا استأجر شيئا وارتهن الرقبة ثم آجره أو أعاره من الراهن أو أوصى له بمنفعة عين من الأعيان، ثم ارتهن الرقبة من صاحبها ثم آجر منفعتها منه أو أعاره، كان الإيجار