وإن كان مما لا ينقل ولا يحول مثل دارين احترقت إحديهما قد تلف خشبها، وذلك يأخذ قسطا من الثمن ويكون الحكم في ذلك مثل ما ذكرناه في ما ينقل ويحول.
فإن انهدمت ولم يتلف منها إلا التأليف فذلك لا يقابله بالثمن، والذي يقابله الثمن من الأعيان باقية إلا أن قيمتها بالانهدام نقصت، وإذا كان كذلك لم ينفسخ من الرهن شئ، والبائع مخير إن كان الرهن شرطا في عقدة البيع لنقصان قيمة الرهن في يد الراهن قبل تسليم الرهن فإن شاء فسخ البيع وإن شاء أجازه ورضي بالدار المنهدمة رهنا، فيكون العرصة والنقض كلها رهنا، وأما إن كان التلف والانهدام بعد القبض فإن الرهن لا ينفسخ في الباقي ولا يثبت له الخيار للمرتهن البائع، وليس له أن يطالب ببدله لأن العقد تناوله بعينه.
وإذا رهن جارية قد أقر بوطئها كان الرهن صحيحا، فإن لم يظهر بها حمل فقد استقر الرهن بغير خلاف، وإن ظهر بها حمل وولدت لأقل من ستة أشهر من وقت الوطء فإن الولد مملوك لا يلحق به لأنه لا يجوز أن يكون من الوطء الذي أقر به، ونسب ولد الجارية لا يثبت إلا من وطء أقر به بغير خلاف، وإن ولدت لستة أشهر فصاعدا إلى تمام تسعة أشهر كان الولد حرا ويثبت نسبه منه، ولا تخرج الجارية من الرهن عندنا، وإذا رهن الجارية وقبضها المرتهن لم يجز للراهن وطؤها بغير خلاف لأن الوطء ربما أحبلها فينقص قيمتها، وربما هلكت بالولادة.
وأما سكنى الدار المرهونة وزراعة الأرض المرهونة واستخدام العبد المرهون وركوب الدابة المرهونة، فإن جميع ذلك لا يجوز عندنا، وإن وطأها لم يجب عليه الحد، وإذا وطئها الراهن بإذن المرتهن لم ينفسخ الرهن سواء حملت أو لم تحمل، فإن باعها باذنه انفسخ الرهن ولا يجب عليه قيمتها مكانها، وإذا أذن المرتهن للراهن في ضرب الرهن فضربه فمات لم يجب عليه قيمته لأنه أتلفه باذنه، فإن فعل ذلك بغير إذنه فمات كانت قيمته عليه.
وإذا أذن المرتهن للراهن في العتق أو الوطء ثم رجع عن الإذن، فإن كان رجوعه بعد إيقاع المأذون فيه الفعل لم ينفعه الرجوع ولا يكون له تأثير، وإن كان الرجوع قبل الإيقاع