والإعارة جائزين ولا يقتضي ذلك فسخ الرهن، وإذا كان لإنسان في يد غيره وديعة أو إجارة أو عارية أو غصب، فجعله رهنا عنده على دين له عليه كان جائزا ويكون ذلك قبضا، لأنه في يده ولا يفتقر إلى نقله إذا كان قد أذن له الراهن في قبضه عن الرهن.
وإذا أقر المرتهن والراهن بقبض الرهن في وقت يمكن صدقهما فيه صح الإقرار ولزم الرهن، وإن كان لا يصح صدقهما في الوقت الذي ذكرا أن القبض وقع فيه كان الإقرار باطلا، مثال ذلك أن يقول للشاهدين: أشهدا على بأنني قد رهنته اليوم داري التي بمكة، أو ما أشبه ذلك وأقبضته إياها، ويتصادقان على ذلك فإنه يكون باطلا، لأنه لا يمكنه قبض الرهن من يومه.
وإذا أقر الراهن والمرتهن بقبض الرهن ثم ادعى بعد ذلك أنه لم يكن قبضه لم يحلف، لأن دعواه تكذيب لنفسه فلا يسمع منه ولا يمين على المرتهن، فإن كان إقراره بقبض الشئ الغائب عنه، على الظاهر بكتاب ورده من وكيل له أو بخبر من يأنس إلى قوله ويركن إليه، ثم قال: ثبت أنه لم يكن قبضه وأن من أخبرني كذب أو أخطأ، وأراد يمين المرتهن كان له ذلك، لأنه لا يكذب بيمينه الإقرار في الحقيقة لأنه أخبره بقبضه على الظاهر، ثم بين أن الباطل بخلاف ذلك.
وإذا شهد شاهدان على مشاهدة القبض من المرتهن لم يسمع دعوى الراهن بأنه لم يقبضه ولا يحلف المرتهن لأنه تكذيب للشاهدين، وهكذا إذا شهدا على إقراره بالقبض فقال: ما أقررت بقبضه، لم يسمع منه ذلك لأنه تكذيب للشاهدين اللذين شهدا عليه بذلك.
وجميع ما يكون قبضا في البيوع يكون قبضا في الرهن، والهبات والصدقات لا يختلف، وجملة القول أن المرهون إذا كان خفيفا يمكن تناوله باليد كان القبض فيه التناول بها، وإن كان ثقيلا مثل دابة أو عبد كان القبض فيه نقله من موضعه إلى غيره، وإن كان طعاما معينا وارتهن منه مكيالا معينا كان قبضها نقلها من موضعها إلى موضع آخر، وإن كان مما لا ينقل ولا يحول من أرض ودار عليها باب مغلق فقبض ذلك أن يخلى صاحبها