وإذا استأجر انسان غيره إجارته يتعلق بعينه مثل أن يستأجره ليخدمه أو يستأجره في عمل يعمله بنفسه لم يصح أخذ الرهن منه، لأنه إنما يجوز أخذه على حق ثابت في الذمة وليس ذلك ثابتا في ذمة الأجير، فلا يجوز أخذ الرهن منه عليه، فإن استأجره على عمل في ذمته مثل أن يجعل له عملا من خياطة أو غير ذلك جاز أخذ الرهن عليه لأن ذلك ثابت في ذمة الأجير وغير متعلق بعين، وللأجير أن يعمله بنفسه أو بغيره، وإن هرب هذا الأجير جاز بيع الرهن واستئجار غيره به ليحصل العمل.
وقد ذكرنا فيما تقدم أن أخذ الرهن لا يجوز إلا بعد ثبوت الحق في الذمة أو في حال لزومه، فإذا كان كذلك وقال أحد المتعاقدين لصاحبه: بعتك هذا الشئ بكذا على أن ترهن كذا بالثمن، وقال المشتري: اشتريته على هذا، صح شرط الرهن وأخذه بعد عقد البيع وتسليمه إليه، وإذا قال: بعتك هذا الشئ مائة أو رهنت منك كذا بالثمن، وقال المشتري: " اشتريته منك بمائة ورهنتك هذا الشئ، صح لحصول عقد البيع وعقد الرهن، فأما قبل ذلك فقد قلنا أنه لا يجوز وذلك مثل أن يقول: رهنتك هذا الشئ على دينار أو درهم تقرضينه في غد، فإذا دفع ذلك إليه في غد لم ينعقد الرهن على ذلك.
ومما يصح إلحاقه بذلك أن يقول الانسان لغيره: أعتق عبدك وعلى ألف، في أن ذلك يصح، فإن أعتق العبد وجب عليه الألف، وكذلك إذا قال: طلق امرأتك وعلى ألف، ففعل لزمه الألف لأنه يجوز من هذا الباذل للمال أن يعلم أنه على فرج حرام مقيم فيستنزله عنه بما يبذله من المال، فإذا طلق كان عليه ألف له، وكذلك لو قال له وهو في سفينة البحر: ألق متاعك في البحر وعلى ضمان قيمته، صح إذا كان غرضه تخفيف السفينة وخلاص النفوس من الغرق، فإذا فعل ذلك كان عليه قيمة المتاع لصاحبه، وإذا عقد الرهن أو سلمه من ليس بكامل العقل أو هو محجور عليه لم يصح عقده ولا تسليمه، لأن ذلك إنما يصح ممن هو كامل العقل غير محجور عليه.
وكل ما جاز بيعه من مشاع أو غيره فإنه يجوز رهنه، فإن اختلف المرتهن والشريك فقال المرتهن: لست أرضى بأن يكون الرهن في يد الشريك، وقال الشريك: لا أرضى