قلنا: يأخذونها أيضا عندنا من القاتل في القتل العمد شبيه الخطأ دون العاقلة فتخص هذه المواضع بقتل يوجب المال وهما قتلان: قتل خطأ محض وقتل عمد شبيه الخطأ، وإنما منعنا من القتل العمد المحض الذي لا يوجب المال بل موجبه القود فحسب للأدلة القاهرة المقدم ذكرها وأعطينا الظاهر حقه لئلا تتناقض الأدلة كما يعمل في آيات القرآن ذلك.
وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي في مبسوطه في ذكر الشهادة على الجنايات: إذا ادعى رجل على رجل أنه جرحه قطع يده أو رجله أو قلع عينه فأنكر، فأقام المدعي شاهدين وهما وارثاه أخواه أو عماه بذلك لم يخل الجرح من أحد أمرين: إما أن يكون قد اندمل أو لم يندمل، فإن شهدا بعد اندمال الجرح قبلتا وحكمت بها للمشهود له لأن شهادة الأخ لأخيه مقبولة وهذه الشهادة بعد الاندمال لا تجر نفعا ولا يدفع بها ضررا، وإن كانت الشهادة قبل اندمال الجرح لم تقبل هذه الشهادة لأنهما متهمان فإن الجرح قد يصير نفسا فيجب الدية على القاتل ويستحقها الشاهدان فلهذا لم تقبل.
ثم قال رحمه الله: فرع، إذا ادعى مريض على رجل مالا فأنكر المدعى عليه فأقام المدعي شاهدين بذلك أخويه أو عميه وهما وارثاه قال قوم: لا تقبل لأنهما متهمان لأن المريض قد يموت فيكون المال لهما، وقال آخرون: مقبولة غير مردودة، وهو الأصح عندي لأنهما لا يجزان منفعة ولا يدفعان ضررا، لأن الحق إذا ثبت ملكه المريض، فإذا مات ورثاه عن الميت لا عن المشهود عليه، وليس كذلك إذا كانت الشهادة بالجناية لأنه متى مات المجني عليه وجبت الدية بموته على القاتل يستحقها الشاهدان على المشهود عليه فلهذا ردت، هذا آخر كلام شيخنا في مبسوطه.
ألا ترى أرشدك الله قول شيخنا وفرقه بين المسألتين في الشهادة بالجناية و الشهادة بالمال، وأن الشهادة بالمال مقبولة وقوله: لأن الحق - يعني بالمال - إذا ثبت ملكه المريض فإذا مات ورثاه عن الميت لا عن المشهود عليه، وليس كذلك إذا كانت الشهادة بالجناية لأنه متى مات المجني عليه وجبت الدية بموته على القاتل يستحقها الشاهدان على المشهود عليه فلهذا ردت، فقد أفتى بأن المال المتروك يستحقه الوارث عن الميت لا على المشهود عليه به، والدية لا يستحقها الوارث