وشيخنا أبو جعفر قال في مسائل الخلاف في الجزء الثاني في كتاب الرهن مسألة: الخمر ليست بمملوكة، ثم قال في استدلاله: ومن ادعى حجة أنه تملكها فعليه الدلالة، ثم قال شيخنا أبو جعفر أيضا في مبسوطه في الجزء الثاني في كتاب الرهن: إذا استقرض ذمي من مسلم مالا ورهن عنده بذلك خمرا يكون على يد ذمي آخر يبيعها عند محل الحق فباعها وأتى بثمنها جاز له أخذه ولا يجبر عليه، وإذا كانت المسألة بحالها غير أن الخمر كانت عند مسلم وشرط أن يبيعها عند محل الحق فباعها وقبض ثمنها لم يصح ولم يكن لبيع المسلم الخمر وقبض ثمنها حكم ولا يجوز للمسلم قبض دينه منه، هذا آخر كلام شيخنا في مبسوطه.
ألا تراه قيد هاهنا وفرق بين بيع الذمي الخمر وبين بيع المسلم لها، فقيد ما أطلقه في نهايته، وإنما يورد الأخبار الآحاد وغير الآحاد في النهاية إيرادا مطلقا على ألفاظها لا اعتقادا لأنه كتاب خبر لا كتاب بحث ونظر على ما أشرنا إليه من قبل، وأيضا قول الرسول ع:
إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه، والخمر محرمة بالإجماع فيجب أن يكون ثمنها محرما لا محللا، ولنا في ذلك - أعني بيع الخمر وهل يحل قبض الدين من ثمنها - جواب مسألة وردت من حلب علينا من أصحابنا الإمامية سنة سبع وثمانين وخمس مائة قد بلغنا فيها أبعد الغايات وأقصى النهايات.
وإذا كان شريكان لهما مال على الناس فتقاسما واحتال كل واحد منهما شيئا منه، ثم قبض أحدهما ولم يقبض الآخر، كان الذي قبضه أحدهما بينهما على ما يقتضيه أصل شركتهما وما يبقى على الناس أيضا مثل ذلك، لأن المال الذي في ذمم الغرماء من الدين غير مقسوم فهو شركة بعد لأن ما في الذمم غير مقبوض ولا متعين حتى يصح قسمته، فلأجل ذلك مهما حصل منه شئ يكون بينهما على ما يقتضيه أصل شركتهما.
ومن كان له دين على غيره فأعطاه شيئا بعد شئ من غير الجنس الذي له عليه ثم تغيرت الأسعار، كان له بسعر يوم أعطاه تلك السلعة لا بسعر وقت محاسبته إياه، لأنه أعطاه إياه عما له في ذمته وهو من غير جنس ماله فتحسب بقيمة يوم إعطائه وتسليمه إليه لا يوم محاسبته عليه، لأنه ما أعطاه إياه قرضا بل عما له في ذمته، فيسقط عنه بقيمته وقت