الشبهة تقبل الدعوى لأن دعوى الشبهة في حقه قابلة للقبول عند العقلاء كدعوى الاكراه في المعاملة مع التهديد من جانب الغير، ولقائل أن يقول: ما وجه درء الحد مع دعوى الأعمى ولم يدرء الحد مع عدم الدعوى ألا ترى أنه لو وقع الأعمى في البئر لم يشك أحد في أن وقوعها في البئر من جهة عدم التوجه، فلو رأى أربعة شهود مباشرة الأعمى الأجنبية بالنحو الموجب للحد لولا الشبهة مع احتمال الشبهة احتمالا قويا كيف يحد مع أن الحدود تدرء بالشبهات.
وأما التقبيل فقد يقال فيه: إن قبل المحرم غلاما بشهوة فيضرب مائة سوط وإلا عزره الحاكم دون الحد حسب ما يراه من المصلحة واستدل للصورة الأولى بمعتبرة إسحاق بن عمار قال: (قلت لأبي عبد الله عليه السلام: محرم قبل غلاما بشهوة، قال: يضرب مائة سوط) (1) ولا يضر كون يحيى بن المبارك في سندها فإنه ثقة على الأظهر ويمكن أن يقال تقبيل المحرم - المراد من له القرابة - بشهوة على نحوين تارة كتقبيل الرجل حليلته بشهوة ونحو آخر كتقبيل الوالد لولده الصغار أو لولده الكبير الجائي من سفر بعيد، وهذا نظير النظر إلى الأوراد والمناظر البهية، وهل يمكن الالتزام بحرمته والنحو الأول لا إشكال في حرمته، وأما استحقاق مائة سوط فهو مبني على حجية الخبر المذكور من جهة السند ويحيى بن المبارك المذكور مجهول الحال ولم يظهر وجه لتوثيقه ومع هذا يشكل حيث إن الحد المذكور قد يوجب القتل وتدرء الحدود بالشبهات ومطلق التقبيل والمضاجعة والمعانقة اختلف الأصحاب والروايات فيه والمشهور ثبوت التعزير ولا يبلغ حد الزاني، ويدل عليه صحيحة حريز عن الصادق عليه السلام (إن عليا عليه السلام وجد رجلا وامرأة في لحاف فجلد كل واحد منهما مائة سوط إلا سوطا) (2).