ثم إنه على فرض الأخذ بمضمون الأخبار الدالة على ترك الجلد في شدة الحرارة وشدة البرودة فهل التقييد بنحو وحدة المطلوب بحيث لو أجرى الحد في شدة الحرارة أو في شدة البرودة لم يكن حدا شرعيا بل جناية واردة على من وقع عليها كما يظهر من صاحب المسالك - قدس سره - أو بنحو تعدد المطلوب فيه إشكال، ولا يبعد الجمع بين الأخبار بحمل الأخبار الدالة على التأخير على الاستحباب إلا أنه يشكل هذا الجمع مع ما دل على عدم جواز التأخير.
وأما عدم إقامة الحد في أرض العدو فاستدل عليه بمعتبرة أبي مريم عن أبي جعفر عليهما السلام قال: (قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: لا يقام على أحد حد بأرض العدو) (1).
ومعتبرة غياث بن إبراهيم عن جعفر، أو إسحاق بن عمار، عن جعفر عن أبيه، عن علي صلوات الله عليهم إنه قال: (لا أقيم على رجل حدا بأرض العدو حتى يخرج منها، مخافة أن تحمله الحمية فيلحق بالعدو) وقد يقال: إطلاق المعتبرة الأولى يقيد بالثانية، والأظهر أن يكون ما ذكر من باب الحكمة من جهة أن المطلق لا بد من بقاء الغالب فيه بعد التقييد لا الأقل ولا المساوي.
وأما عدم إقامة الحد على من التجأ إلى الحرم فيدل عليه صحيحة هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام (في الرجل يجني في غير الحرم، ثم يلجأ إلى الحرم قال: لا يقام عليه الحد، ولا يطعم ولا يسقى ولا يكلم ولا يبايع، فإنه إذا فعل به ذلك يوشك أن يخرج فيقام عليه الحد، وإن جنى في الحرم جناية أقيم عليه الحد في الحرم فإنه لم ير للحرم حرمة) (2) والتعبير بالجناية في