فإن لم أعلم له وليا؟ قال: أجهد على أن تقدر له على ولي، فإن لم تجده وعلم الله منك الجد فتصدق بها (1)) حيث لم يستفصل في الجواب أن الموصى له قبل أو لم يقبل، فلو كان القبول لازما في الصحة لزم حسب القاعدة أن يرجع الموصى به إلى وارث الموصى.
والمحكي عن المختلف بعد نقل الأقوال: والمعتمد أن نقول: الوصية إن كانت لغير معين كالفقراء والمساكين ومن لا يمكن حصرهم كبني هاشم أو على مصلحة كمسجد أو قنطرة أو حج أو مدرسة أو غير ذلك لم يفتقر إلى القبول ولزمت بمجرد الموت لتعذر اعتبار القبول من جميعهم فسقط اعتباره كالوقف عليهم. وإن كانت لمعين افتقرت إلى القبول، ولا يحصل الملك قبله لأن القبول معتبر فتحصيل الملك له قبل قبوله لا وجه له مع اعتباره ولأنه تمليك عين لمعين، فلم يسبق الملك القبول كسائر العقود، ولأن الموصى له لو رد الوصية بطلت، ولو كان قد ملك بمجرد الإيصاء لم يزل الملك بالرد كما بعد القبول، ولأن الملك في الماضي لا يجوز تعليقه بشرط مستقبل لامتناع تقدم المشروط على شرطه.
ويمكن أن يقال: إن كانت الوصية التمليكية عقدا وكل عقد يحتاج إلى الإيجاب والقبول بخلاف الايقاع فكيف يقال في الوصية لغير معين أو على المصلحة لا حاجة إلى القبول ومجرد تعذر القبول لا يصحح، وإن منعنا كون الوصية عقدا فلا نجد الفرق بين الوصية لمعين وبين غيرها.
ومما يؤيد عدم كونها عقدا أن القائلين باعتبار القبول يكتفون بقبول وارث الموصى له مع موت الموصى له قبل القبول ومن المعلوم أن الوارث ليس طرف للعقد وليس القبول من الحقوق الموروثة، فيكون من قبيل موت طرف العقد قبل القبول.
وأما ما ذكر من امتناع تقدم المشروط على شرطه، فيمكن الجواب عنه بأن الرد كاشف عن عدم تحقق الملكية من الأول فالمقام نظير عزل مقدار من تركة الميت