الظاهر أنه لا خلاف في جواز إمهار المدبرة لعدم خروجها عن ملك المدبر، ولا إشكال في أنه إذا طلق قبل الدخول يرجع نصفها إلى المدبر، وإنما الإشكال في بطلان التدبير بالإمهار كما لو أوصى بشئ لأحد، ثم وهبه لغيره أو يكون التدبير باقيا بحاله فإذا مات المدبر تحررت، وقد يتمسك لهذا بخبر المعلى بن خنيس " سئل أبو عبد الله عليه السلام وأنا حاضر عن رجل تزوج امرأة على جارية له مدبرة قد عرفتها المرأة وتقدمت على ذلك وطلقها قبل أن يدخل بها؟ قال: فقال: إن للمرأة نصف خدمة المدبرة يكون للمرأة يوم في الخدمة ويكون لسيدها الذي دبرها يوم في الخدمة، قيل له:
فإن ماتت قبل المرأة والسيد لمن يكون الميراث؟ قال: يكون نصف ما تركته للمرأة والنصف الآخر لسيدها الذي دبرها (1) ".
ولا يخفى أن هذا الخبر مع قطع النظر عن ضعفه لا ظهور فيه في بقاء التدبير ولا في بطلانه، وحيث إنه لا تضاد بين التدبير والإمهار لا يبعد بقاء التدبير ولو أعطاها عوض المهر متاعا أو عبدا آبقا وشيئا ثم طلقها قبل الدخول فالظاهر عدم الخلاف في أنه يرجع بنصف المسمى دون العوض، ويدل عليه صحيح الفضيل بن يسار " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل تزوج امرأة بألف درهم فأعطاها عبدا آبقا وبردا حبرة بالألف التي أصدقها فقال: إذا رضيت بالعبد وكانت قد عرفته فلا بأس إذ هي قبضت الثوب ورضيت بالعبد، قلت: فإن طلقها قبل أن يدخل بها؟ قال: لا مهر لها وترد عليه خمسمائة درهم ويكون العبد لها (2)).
ويمكن أن يقال: مقتضى القاعدة أنه إذا وقع المعاوضة بين المهر والمتاع قبل الطلاق لا تبطل من جهة الطلاق كما قالوا في البيع لو تصرف المشتري في المبيع تصرفا ناقلا عن ملكه ثم فسخ البايع لا يبطل نقل المشتري من جهة فسخ البايع بل يرجع إلى المثل أو القيمة فإذا كان المهر المنتقل إلى الغير قيميا وطلق الزوج قبل الدخول، فمقتضى القاعدة الرجوع إلى القيمة لا المسمى، وليس الصحيح المذكور شاهدا على خلافه فإن الدرهم مثلي ظاهرا، وعلى هذا فإن كان المسمى قيميا وعاوضت المرأة مع شئ آخر لا يرجع