وهذه الأخبار تحمل على طريقية الخلوة وإرخاء الستر وإجافة الباب على تحقق الوقاع فمع القطع بعدم تحققه لا يستقر تمام المهر، وقد تحمل على التقية ولا يخفى إباء بعضها عن الطريقية فيرد علمها على أهلها ومع ذلك فمقتضى الاحتياط ما حكي عن ابن أبي عمير - قدس سره - لأنه أعرف بمعاني الأخبار.
وأما ما قيل من أنه إذا لم يسم مهرا وقدم شيئا إلى آخر ما في المتن فاستدل عليه بصحيح الفضيل المذكور في قبال الأخبار الدالة على عدم سقوط المهر لو لم تقبض المرأة ولا يخفى أنه لم يذكر في السؤال عدم تسمية المهر بل السؤال شامل لصورتي التسمية وعدم التسمية، وفي صورة التسمية لا يلتزم بمضمونه فكيف يؤخذ بمضمونه في صورة عدم التسمية مع أنه مع عدم التسمية والدخول يكون اللازم مهر المثل.
(الثالث إذا طلق قبل الدخول رجع بالنصف إن كان أقبضها أو طالبت بالنصف إذا لم يكن أقبضها، ولا يستعيد الزوج ما تجدد من النماء بين العقد والطلاق متصلا كان كاللبن، أو منفصلا كالولد، ولو كان النماء موجودا وقت العقد رجع بنصفه كالحمل ولو كان تعليم صنعة أو علم فعلمها رجع بنصف أجرته ولو أبرأته من الصداق رجع بنصفه) لا خلاف بين الأصحاب في أنه إذا طلق الزوجة قبل الدخول وقد فرض لها مهرا يرجع الزوج بنصف المهر ومع الدفع إلى الزوجة استعاد نصفه ويدل عليه روايات محمد بن الفضيل وأبي بصير والحلبي المتقدمة.
ثم إن في المقام صورا عديدة.
الأولى أن يكون المهر دينا في ذمة الزوج فإذا طلق برءت ذمته من نصفه ووجب دفع النصف الأخر إلى الزوجة.
الثانية أن يكون عينا باقية في يد الزوج من غير زيادة ونقيصة فلا إشكال في أنه يستحق نصفها ويكونان شريكين فيها وإن زادت العين بزيادة من الله سبحانه فالأشهر أن الزيادة لها من جهة أن المهر كملا انتقل إلى الزوجة بالعقد وإن كان ملك أحد النصفين متزلزلا وإن كانت بفعل الزوج فقيل: إن الزيادة للمرأة والزوج بمنزلة الغاصب لا يستحق شيئا من الزيادة وإن نقصت كان النقص مضمونا عليه وإن تلفت العين رجعت