الهبة صحيحة، ولا مجال للاشكال من جهة أن الهبة لذي رحم لازمة لا يجوز الرجوع فيها لعدم حصول القبض.
وأما لزوم القبض واشتراطه في صحة الهبة فهو المشهور المدعى عليه الاجماع، وعن جماعة كونه شرطا في اللزوم دون الصحة.
ويدل على اشتراطه في الصحة خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام الهبة لا تكون أبدا هبة حتى يقبضها والصدقة جائزة عليه " (1).
وموثقة داود بن الحصين عنه أيضا " النحلة والهبة ما لم تقبض حتى يموت صاحبها؟ قال عليه السلام: هي ميراث، فإن كان لصبي في حجره وأشهد عليه فهو جائز " (2).
حيث إن نفي الصحة أقرب إلى نفي الماهية من نفي اللزوم لا يقال: مجرد الأقربية لا يكفي لأنه إذا كان المتكلم الحكيم في مقام البيان لا يلقى على المخاطب كلاما يحتمل معنيين أحدهما أقرب وهو يريد المعنى الأبعد إلا أن يكون قرينة معينة ووجه دلالة الموثق المذكور أنه لو كانت الهبة صحيحة غير لازمة كان الوارث بالخيار ولم يتعين كون المال الموهوب ميراثا، واستدل للقول الثاني بصحيحة أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام " الهبة جائزة قبضت أو لم تقبض، قسمت أو لم تقسم، والنحل لا تجوز حتى تقبض وإنما أراد الناس ذلك فأخطأوا " (3).
وخبر عبد الرحمن بن سيابة عنه عليه السلام أيضا " إذا تصدق الرجل بصدقة أو هبة قبضها صاحبها أو لم يقبضها علمت أو لم تعلم فهي جائزة " (4) وأجيب بأن هذين الخبرين لا يقاومان ما دل على اشتراط القبض في الصحة للاعتضاد بعمل المشهور ولأن مقتضاهما عدم شرطية القبض أصلا لا كونه شرطا في اللزوم وظاهرهم الاجماع على الشرطية في الجملة، وعلى تقدير المقاومة والمعارضة اللازم الرجوع إلى الأصل ومقتضاه عدم حصول الملكية إلا بعد القبض ودعوى أن مقتضى العمومات حصولها مدفوعة بأن مقتضاها