أخبار أخر دالة على عدم وجوب الغسل قد أعرض الأصحاب عنها فلا بد من رد علمها إلى أهله.
(وأما لو اشتبه بغيره اعتبر بالدفق والشهوة وفتور الجسد) واجتماع هذه الأوصاف يورث القطع عادة بكون الماء الخارج منيا، والظاهر أن تحقق بعضها مع عدم احراز البعض الآخر يوجب الاطمينان به وباجتماع البعض الآخر ولعله من هذه الجهة اكتفى في بعض الأخبار بالشهوة بدون الوصفين الآخرين وأما لو أحرز تخلف البعض ففيه إشكال من جهة حصول الاطمينان نوعا، ومن جهة ما ورد في بعض الأخبار من التفصيل بين الصحيح والمريض، ففي صحيحة ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: الرجل يرى في المنام ويجد الشهوة فيستيقظ فينظر فلا يجد شيئا ثم يمكث الهوين بعد فيخرج؟ قال: (إن كان مريضا فليغتسل وإن لم يكن مريضا فلا شئ عليه، قلت: فما فرق بينهما؟ قال: لأن الرجل إذا كان صحيحا جاء الماء بدفقة قوية وإن كان مريضا لم يجئ إلا بعد) (1) فمع حصول القطع يتعين الأخذ به بمقتضى ما ذكر سابقا من الاجماع، والصحيحة غير ناظرة إليه، ومع عدم حصول الاطمينان يتعين الأخذ بالصحيحة، وهو القدر المتيقن منها، ومع الاطمينان يشكل الأمر من جهة كونه طريقا عند العقلاء في مقاصدهم ولم يعلم الردع في المقام، ومن جهة كونه قابلا للردع ويكفي الدليل رادعا، ولا يبعد أن يقال: إن مورد السؤال صورة عدم الاطمينان لأنه مع الاطمينان لا يسأل عن الحكم مع كون خروج المني موجبا للغسل من الواضحات.
(ويكفي في المريض الشهوة) والدليل عليه ما ذكر. (ولا يجب أن يغتسل المستيقظ إذا وجد منيا على جسده أو ثوبه الذي ينفرد به) فتارة يحصل القطع أو الاطمينان بكونه منه، فيجب عليه الغسل وعليه ينزل الموثقتان، إحداهما موثقة سماعة قال: (سألته أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل ينام ولم ير في نومه أنه قد احتلم فوجد