(الثانية يستحب الاصغاء إلى الخطبة، وقيل يجب، وكذا الخلاف في تحريم الكلام معها) قد يقوى وجوب الاصغاء بأن المقصود بشرع الخطبة إنما هو الوعظ والانذار وغير ذلك من الحكم التي وقع التنبيه عليها في خبر لعلل مؤيدا بما عن دعائم الاسلام مرسلا عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه أنه قال: (يستقبل الناس الإمام بوجوههم ويصغون إليه) (1) وبما روي في قوله تعالى: (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) أنها وردت في الخطبة (2) وسميت قرآنا لاشتمالها عليه، وفيه إشكال لأن كون ما ذكر غرضا لا يوجب لزوم الاصغاء لأن تحصيل الغرض غير لازم ما لم يوجب على المكلف، ومن الممكن أن يكون الغرض التمكن وهو حاصل والمرسلة على فرض عدم الاشكال في سندها يشكل التمسك لها لأن لازمها وجوب استقبال الناس الإمام بوجههم ولا أظن إن يلتزم به، فإذا حمل على الاستحباب فوحدة السياق توجب حمل الفقرة الأخرى أيضا على الاستحباب، وأما الرواية الأخرى فمع تفسير الآية بقراءة إمام الجماعة حال الصلاة بالدليل المعتبر كيف يؤخذ بها و احتمال إرادة الجامع بينهما بعيد، وأما حرمة الكلام في أثناء الخطبة على السامعين فمشكلة أيضا لأن الأخبار التي تمسك بها للحرمة بين ما يكون ضعيف السند و ما يكون ضعيف الدلالة وكذا الكلام بالنسبة إلى الخطيب وربما يشهد للكراهة على المستمعين صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا خطب الإمام يوم الجمعة فلا ينبغي لا حدان يتكلم حتى يفرغ الإمام من خطبته فإذا فرغ الإمام من الخطبتين تكلم ما بينه وبين أن يقام الصلاة فإن سمع القراءة أو لم يسمع أجزأه) (3).
(٥٣٤)