ككيفية التنجيس أمر معروف بين الناس، ألا ترى أنه إذا سمع المكلف: إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شئ، لا يشك في طرف المفهوم في اعتبار الملاقاة وعدم حصول التنجيس بالمجاورة، وأن لا يكون الماء قاهرا على النجس فلا ينجس العالي بملاقاة السافل فكذلك التطهر، ولذا ترى في غالب الموارد بعد ما سمع الراوي من الإمام عليه السلام لزوم الغسل ما كان يسأل عن كيفية الغسل مع أنه كان محل الحاجة والابتلاء، فما لم يردع عن الكيفية المعهودة بينهم يؤخذ ببنائهم كسائر الموارد التي يؤخذ بناؤهم، فعلى فرض تسليم ما ذكر من عدم كون أوامر الغسل في مقام البيان مع بعد ما ذكر في غالب الأخبار مع شدة احتياج المكلف الظاهر الاكتفاء بما يزول القذارة عينية كانت أو حكمية فيكفي المرة مطلقا، وأما ما ذكر في المتن من كفاية إزالة العين وإن بقي اللون فوجهه أنه مع إزالة العين حصل ما هو المطلوب من إزالة النجاسة والتطير ولم ينظر إلى الدقة العقلية، حيث يستكشف من بقاء اللون بقاء ذي اللون - أعني النجاسة - لاستحالة انتقال العرض من موضوعه، وعدم كون المحل مستعدا قابلا لعروض عرض مماثل لعرض النجاسة، فبحكم العقل النجاسة باقية، وذلك لأن الخطاب مع نوع الناس الغير الملتفتين إلى هذه المداقات، فإرادة خلاف ما يفهمون خلاف الحكمة، وهذا في الحقيقة يرجع إلى الاختلاف في المفهوم لا التخطئة في المصداق، فالمفهوم من الدم مثلا ليس إلا جسما محسوسا ملونا بلون الحمرة، فالأجزاء الصغار الباقية في حال بقاء اللون المستكشفة بحكم العقل خارج حقيقة عن مفهوم الدم، لأن المفاهيم الكلية منتزع عن المصاديق، وعلى أي تقدير لا يتوجه الاشكال بأنه مع وجود الموضوع واقعا كيف لا يترتب عليه أحكامه، ولا عبرة بنظر العرف في تعيين المصداق.
(الخامس: إذا علم موضع النجاسة غسل وإن جهل غسل كل ما يحصل فيه الاشتباه، ولو نجس أحد الثوبين ولم يعلم عينه صلى الصلاة الواحدة في كل واحدة مرة، وقيل يطرحهما وصلى عريانا) إن كان أطراف الشبهة جميعا يعتبر طهارتها كالبدن والثوب الذي يريد المكلف أن يصلي فيه، فاللازم بحكم العقل القطع بطهارتها