عرق الجنب من الحرام فمن الصدوقين والإسكافي والشيخين والقاضي القول بنجاسته، وربما نسب إلى المشهور بين المتقدمين وعن الحلي والفاضلين وجمهور من المتأخرين القول بطهارته، واستدل للقول بالنجاسة بما عن الشهيد في الذكرى قال: روى محمد بن همام باسناده إلى إدريس بن داود [يزداد] الكفرتوثي (1) أنه كان يقول بالوقف فدخل سر من رأى في عهد أبي الحسن عليه السلام فأراد أن يسأله عن الثوب الذي يعرق فيه الجنب أيصلي فيه؟ فبينما هو قائم في طاق باب لانتظار إذ حركه أبو الحسن عليه السلام بمقرعة فقال: (إن كان من حلال فصل فيه وإن كان من حرام فلا تصل فيه) وبرواية علي بن مهزيار المنقولة من كتاب المناقب لابن شهرآشوب (2)، وضعف السند مجبور بشهرة الفتوى بالمضمون بين القدماء، إنما الاشكال في دلالتها حيث إنه لا يستفاد من الروايتين إلا عدم جواز الصلاة في الثوب أو العرق، ومن المحتمل أن يكون النظر إلى المانعية للصلاة كمانعية فضلات ما لا يؤكل لحمه من دون النجاسة، وربما يستظهر النجاسة من جهة أنه حكم في الرواية المذكورة بعدم جواز الصلاة في الثوب حتى بعد جفاف العرق بمقتضى الاطلاق، فلو كان المانع نفس العرق لكان الصلاة في الثوب بعد الجفاف جايزة لعدم وجود شئ محسوس يمنع من الصلاة، وفيه تأمل من جهة أن نظر السائل إلى أصل المنع في قبال الجواز ففصل الإمام بين ما كان من حرام وما كان من حلال وعلى فرض تسليم الاطلاق لا مانع من ممنوعية الصلاة في الثوب حتى بعد الجفاف إلى أن يغسل بالماء، لا يقال: هذا لا يلتزم به أحد، لأنه يقال بعد ملاحظة كلمات جملة من القدماء لم يعبروا في فتاويهم إلا بمضمون الروايات من حرمة الصلاة فيه لم يفرقوا بين حال الجفاف وعدمه إن قلت: لا إطلاق لكلماتهم بل هم بصدد المنع في
(٢٠٥)