العفو في الجملة والدليل عليه الأخبار، مضافا إلى قاعدة نفي الضرر وقاعدة نفي الحرج في بعض الموارد، وإنما الاشكال في اعتبار المشقة وسيلان الدم، وعلى تقدير اعتبار المشقة في إزالة النجاسة هل تعتبر المشقة الشخصية الموجبة للحرج؟
أو تكفي المشقة النوعية التي لولا الأخبار الخاصة لا توجب رفع التكليف فلا بد من ملاحظة أخبار الباب، فمنها صحيحة ليث المرادي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الرجل يكون به الدماميل والقروح فجلده وثيابه مملوءة دما وقيحا وثيابه بمنزلة جلده؟ فقال: (يصلي في ثيابه ولا يغسلها ولا شئ عليه) (1) ومنها صحيحة عبد الرحمن قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الجرح يكون في مكان لا يقدر على ربطه فيسيل منه الدم والقيح فيصيب ثوبي؟ فقال: (دعه فلا يضرك إن لا تغسله) (2) ومنها موثقة سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إذا كان بالرجل جرح سائل فأصاب ثوبه من دمه فلا يغسله حتى يبرء وينقطع الدم) (3) ومنها صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: (سألته عن الرجل يخرج به القروع فلا تزال تدمى كيف يصلي؟ فقال: يصلي إن كانت الماء تسيل) (4).
فنقول: أما صحيحة ليث المرادي فالظاهر أن مورد السؤال فيها صورة لزوم الحرج والضرر فلا يستفاد من الجواب إطلاق، وأما صحيحة عبد الرحمن وإن كان يستفاد من ترك الاستفصال فيها عموم الحكم لصورة عدم الضرر والحرج لكنه لا تشمل صورة عدم السيلان، وأما الموثقة فالظاهر منها مدخلية السيلان فتدل على انتفاء الحكم مع انتفاء القيد، وأما الصحيحة - أعني صحيحة محمد بن مسلم - فقد يقال أن المستفاد من كلمة (إن) الوصلية فيها كون صورة عدم سيلان الدماء أولى بالحكم، وفيه تأمل من جهة احتمال أن يكون التعرض لدفع ما يتوهم من المحذور الأشد فإنه بعد ما كان الدم مانعا عن الصلاة فالدم الزائد أشد منعا، ولذا ربما يلتزم بلزوم التخفيف بما أمكن في صورة الاضطرار، وربما يدعى استفادة الاطلاق من خبر أبي بصير قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام وهو يصلي فقال لي قائدي: