حجة القول بالتفصيل الجمع بين الأخبار المثبتة والنافية، ولا يخفى ما فيه لعدم شاهد على الجمع بهذا النحو، والذي يمكن أن يقال: إنه إن أحرز إعراض المشهور عن العمل بالأخبار النافية تعين الأخذ بالأخبار المثبتة، وإن احتمل أن يكون أخذهم بالأخبار المثبتة من جهة التخيير أو الترجيح بالأكثرية يشكل تعين الأخذ بها لقابلية الجمع بالحمل على الاستحباب وعلى فرض إبائها عن هذا الجمع والمعاملة معاملة المتعارضين لم لا يؤخذ بالأخبار النافية تخييرا، ومجرد الأكثر لا يوجب الترجيح لما قرر في الأصول من عدم البعد في الأخذ باطلاقات التخيير ولو فرض تخصيصها يخصص بالمرجحات المنصوصة لا مطلق المزية لندرة التساوي من جميع الجهات ومع ذلك لا يجترء على التخطي عما ذهب إليه المشهور خصوصا مع ملاحظة القاعدة من انتفاء المشروط عند انتفاء شرطه، واحتمال شمول الطهور المستثنى في خبر لا تعاد للطهارة من الخبث الموجب لا جماله، فلا مجال للتمسك به وأما صورة عدم العم بالنجاسة قبل الصلاة ثم علم بعد الصلاة ففيه أقوال:
أحدها عدم الإعادة مطلقا للأخبار المستفيضة منها صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي وفي ثوبه عذرة من إنسان أو سنور أو كلب أيعيد صلاته؟ قال: (إن كان لم يعلم فلا يعيد) (1) وصحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إن رأيت المني قبل أو بعد ما تدخل في الصلاة فعليك إعادة الصلاة وإن أنت نظرت في ثوبك فلم تصبه وصليت فيه ثم رأيته بعد ذلك فلا إعادة عليك وكذلك البول) (2) وغيرهما من الأخبار، وفي قبالها صحيحة وهب بن عبد ربه عن الصادق عليه السلام في الجنابة تصيب الثوب ولا يعلم به صاحبه فيصلي فيه ثم يعلم بعد ذلك؟ قال: (يعيد إذا لم يكن علم) (3) وغيرها، لكنها قابلة للحمل على الاستحباب ولم يعمل الأصحاب بظاهرها.