وأما الكافر فالمشهور نجاسته بجميع أصنافه بل لم يعرف الخلاف في غير الكتابي منه من أحد، وقد تواتر نقل الاجماع في غير الكتابي وأما الكتابي فالمشهور نجاسته، ولكنه حكي عن ابن الجنيد وهر العماني ونهاية الشيخ القول بالطهارة وتبعهم جماعة من متأخري المتأخرين، واستدل للنجاسة مطلقا بقوله تعالى:
(إنما المشركون نجس) ونوقش بعدم صدق المشرك على نحو الحقيقة على جميع أصناف الكافر، وعدم إحراز المراد من النجس فإن معناه العرفي وإن كان هو القذر لكنه ليس كل قذر يجب الاجتناب عنه كما يجب الاجتناب عن النجاسات عند المتشرعة فإن القذارة المعنوية الحاصلة بالحيض ونحو قذارة وليست موجبة للاجتناب فلعل الشرك قذارة معنوية أشد من سائر القذارات من دون أن يترتب عليها آثار النجس بالمعنى المعروف عند المتشرعة على المتصف به، هذا مع أن المتبادر من الآية مشركوا أهل مكة كما يشهد به القرائن.
واستدل أيضا بالأخبار التي استدل بها على نجاسة أهل الكتاب فإنها تدل على نجاسة سائر الكفار بالأولوية القطعية، ونوقش في هذا الاستدلال بعدم الأولوية في خصوص الكفار المنتحلين للاسلام، واستدل لنجاسة أهل الكتاب بأخبار منها موثقة سعيد الأعرج أنه سئل أبا عبد الله عليه السلام عن سؤر اليهودي والنصراني أيؤكل أو يشرب؟ قال: لا) (1) ومنها صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهم السلام قال: (سألته عن رجل صافح مجوسيا؟ قال: يغسل يده ولا يتوضأ) (2) ومنها رواية أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام في مصافحة المسلم لليهودي والنصراني؟
قال: (من وراء الثياب فإن صافحك بيده فاغسل يدك) (3) وروايات صحاح وغير صحاح لكن غالبها يمكن فيه الخدشة من جهة الدلالة بل بعضها في خلاف المطلوب ظاهر وفي قبالها أخبار أخر يظهر منها الطهارة بل لعلها صريحة في الطهارة الذاتية، وعلى فرض ظهور هذه الروايات في النجاسة الذاتية يجمع بينهما برفع اليد عن