الجملة، قلنا: كذلك لا إطلاق في الخبر، وربما يستبعد النجاسة أو المنع عن الصلاة بأنه كيف يخفى هذا الحكم إلى زمان الهادي عليه السلام مع كثرة الابتلاء، مضافا إلى ما في جملة من الأخبار من التصريح بنفي البأس عن عرق الجنب من غير تفصيل بين كونه من حلال أو حرام، أما الاستبعاد فهو في محله لكنه لا يوجب رفع اليد عن الدليل، وأما الأخبار فمع ضعف اسنادها - إلا إذا ثبت اتكال المشهور في القول بالكراهة إليها لا من باب التسامح في أدلة المكروهات والمستحبات - لا تأبى عن التخصيص وإن كان بعيدا.
وأما عرق الإبل الجلالة فمن جماعة من القدماء القول بنجاسته خلافا لكثير من المتأخرين واستدل للقول بالنجاسة بحسنة حفص بن البختري بل مصححته عن أبي عبد الله عليه السلام: (لا تشرب من ألبان الإبل الجلالة وإن أصابك شئ من عرقها فاغسله) (1) وبمرسلة الفقيه: (نهي عن ركوب الجلالات وشرب ألبانها وإن أصابك من عرقها فاغسله) (2) وصحيحة هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام: (لا تأكلوا لحوم الجلالة وإن أصابك من عرقها فاغسله) (3) ونوقش في الأخيرتين بأن ظاهرهما عدم الاختصاص بالإبل، بل يعم الحكم لكل جلال ولا قائل به عدا ما حكي عن شاذ، فلا بد من الحمل على الاستحباب أو الحمل على إرادة العهد ولا أولوية. ولا يخفى أنه على تقدير الاجمال فيهما لا وجه لرفع اليد عن ظهور الحسنة إلا أن يقال: الحمل على العهد بعيد، لعدم القرينة فمقتضى الاطلاق استحباب الغسل بالنسبة إلى عرق كل جلال، وتخصيصه بغير الإبل بعيد، مضافا إلى أنه ليس بأهون من رفع اليد عن ظهور الأمر في الحسنة في الوجوب حتى يستفاد منه النجاسة، وحمل الأمر في الصحيحة والمرسلة على مطلق الرجحان الجامع بين الوجوب والندب أيضا بعيد فتأمل.