أن الشارع نزل التيمم منزلة الماء في إفادته للطهور ولم يهمل شرطية الطهور للمشروط فإن أرادوا بقولهم: إن التيمم مبيح للصلاة مثلا ليس برافع أو ليس بطهور ما يؤول إلى ارتكاب التخصيص فيما يدل على أنه لا صلاة إلا بطهور ففاسد جدا، وإن أرادوا ما لا ينافي شرطية الطهور وإن لم يسموه بالطهارة بأن التزموا بتعميم الشرط على وجه يعم أثر التيمم بدون ارتكاب التخصيص فلا مشاحة فيه، والجواب عن ناقضية وجدان الماء بأنه لا منافاة بين الأمرين فإن التيمم طهور للعاجز بوصف كونه عاجزا فإذا زال الوصف انتفى الحكم بانتفاء موضوعه لا بوجود المزيل والحاصل إن المستفاد من الآية الشريفة حيث قال تعالى بعد الأمر بالتيمم: (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهر كم) وقول النبي صلى الله عليه وآله: (جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا) (1) وغيرهما من الأخبار كون التيمم مثل الوضوء والغسل موجبا للطهارة والشبهة مدفوعة بما ذكر، ويمكن أن يقال كما أن الوضوء والغسل موجبان لطهارة المكلف أو هما طهارة المكلف من دون اعتبار وصف كذلك التيمم، بناء على ما يستفاد من هذه الأدلة، فأخذ الوصف في الموضوع خلاف الظاهر، ونعلم أيضا بعدم كون التمكن من استعمال الماء من النواقص الذي يزيل الطهارة، فلا بد من أحد التصرفين إما أخذ الوصف في الموضوع كما أفيد أو الالتزام بكون التيمم بمنزلة الطهور حكما لا حقيقة نظير ما يلتزمه به القائل بالكشف الحكمي والنقل الحقيقي من الملكية الحكمية، وهذا ليس بطهارة حقيقة ولا ترجيح في البين وعلى كلا التقديرين لا يلزم تخصيص في مثل (لا صلاة إلا بطهور) ولا يبعد جريان حديث الرفع فيما لو شك في مدخلية شئ شرطا أو جزءا في التيمم، وهذا بخلاف ما لو قلنا بالتخصيص فإنه تؤخذ بالقدر المتيقن من المخصص ويؤخذ بالعام في مورد الشك فلا مجال للتمسك بمثل حديث الرفع إلا أن يقال بناء على كون الطهارة تنزيلية أيضا يرد التخصيص لبا في العام، و هذا كما إذا دار الدليل الحاكم بين الأقل والأكثر بحسب المفهوم فالمتبع الدليل
(١٨٩)