الموجبة للطهارة المائية وتلزم من عدم وجوبها وجوب الطهارة الترابية بلا إشكال لعدم سقوط المشروط بالطهارة، ولا يخفى أنه لو نظرنا إلى الأخبار المذكورة لكان الأمر أوسع بخلاف ما لو كان النظر إلى قاعدتي نفي الحرج والضرر، ألا ترى؟
أنه في خبر السكوني جوز التيمم مع أنه يتمكن الرجل من ترك الصلاة في المسجد أو مكان الزحام في يوم عرفة والآتيان بالصلاة في الخارج مع الطهارة المائية من دون لزوم حرج أو ضرر إلا أن يكون النظر في يوم الجمعة إلى وجوب الجمعة تعيينا من جهة اجتماع جميع شرائط الوجوب كما أن الوقوع في البئر في خبر عبد الله بن أبي يعفور المذكور لا محذور فيه إلا فساد الماء المفسر بتصيير الماء مستقذرا، ولولا الخبر لكان الوقوع مجوزا مع فرض إباحة البئر والماء حفظا للطهارة المائية، وهذه الأخبار غير نقية السند فلا بد من إحراز عمل الأصحاب مستندين إلى هذه الأخبار مع هذه التوسعة.
الثالث من مسوغات التيمم حصول مانع من استعمال الماء كالبرد والمرض ونحوهما، والدليل عليه قاعدة نفي الضرر وقاعدة نفي الحرج مضافا إلى بعض الأخبار الخاصة، مثل صحيحة داود بن سرحان عن الصادق عليه السلام في الرجل تصيبه الجنابة وبه جروح أو قروح أو يخاف على نفسه من البرد؟ فقال: (لا يغتسل ويتيمم) (1).
ويظهر من هذه الصحيحة أن الحكم لا يدور مدار القطع بل الخوف يكفي، كما أنه يستفاد هذا من قاعدة نفي الحرج، حيث إن التكليف بالوضوء أو الغسل مع الخوف من عروض المحذور حرجي مرفوع وقد يستشكل في جريان قاعدة نفي الضرر في مورد الخوف من وقوع الضرر من جهة عدم إحراز الضرر الذي هو موضوع، غاية الأمر الاكتفاء بالظن وبمجرد الخوف لا يكفي، نعم لو كان الضرر المخوف يشق تحمله اكتفي بالخوف من جهة قاعدة نفي الحرج أيضا، ولا يخفى أنه لا يجوز التمسك في هذه الموارد بالأدلة الدالة على وجوب الطهارة المائية