بمقتضى الصحيحة بالعشرة، ودعوى الاجماع في مثل المقام بعيدة، حيث إن مستند المجمعين ليس إلا الأخبار، غاية الأمر يكون الصحيحة مخالفة لساير الأخبار من هذه الجهة، وعلى فرض التسليم يلزم عدم العمل بهذه الفقرة، فلم لا يؤخذ بظاهرها من غير هذه الجهة، ومنها صحيحة علي بن يقطين عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: (سألته عن البئر يقع فيها الحمامة والدجاجة والكلب والهرة؟ فقال عليه السلام: يجزيك أن تنزح منها دلاء فإن ذلك يطهرها إن شاء الله) (1) وأجيب فيها بما أجيب به عن سابقتها، وبأن المراد من الطهارة النظافة والاشكال في الجواب السابق يرد هنا، مضافا إلى أن حمل الطهارة في كلمات المعصومين - صلوات الله عليهم على النظافة لا ما يقابل النجاسة، كحمل النجاسة على القدارة العرفية، وهو كما ترى. ومنها صحيحة ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام (إذا أتيت البئر وأنت جنب فلم تجد دلوا ولا شيئا تغترف به فتيمم بالصعيد فإن رب الماء رب الصعيد ولا تقع في البئر ولا تفسد على القوم ماءهم) (2) وأورد على الاستدلال بهذه الصحيحة أنه يظهر منها أن علة النهي هي إفساد الماء على القوم، لا فساد الغسل في حد ذاته بحيث لولا هذا المحذور لجاز الغسل، وهذا ينافي نجاسة الماء بوقوعه فيه. و فيه نظر، لأنه لا ظهور لها في كون العلة ما ذكر بل بقرينة العطف يظهر خلافه، فلعله نهي عن الوقوع وذكر من مفاسد الوقوع إفساد الماء على القوم، وعلى ما ذكر في الايراد يلزم جواز التيمم مع وجود ماء البئر وإباحة التصرف، مع أنه لا محذور في الغسل إلا أثارة الوحل أو تنفر الطبع الزائل بنزح مقدار منه، ولا أظن أن يلتزم به. واستدل بأخبار أخر ونوقش فيها بمناقشات لعلها لا تخلو عن الاشكال. واستدل أيضا للقائلين بالنجاسة بالأخبار المستفيضة الدالة على وجوب النزح بالوجوب الشرطي بمعنى اشتراط معاملة الطهارة بالنزح. وأجيب بأن غاية الأمر ظهور هذه الأخبار في نجاسة البئر، فلا بد من رفع اليد عن هذا الظاهر بالأخبار
(١١)