وهذا الرأي إنما يعضد الرأي الأول ويسير في اتجاهه، خصوصا إذا علمنا أن هؤلاء الصحابة لم يتراجعوا عن القول بأحقية علي في الخلافة بعدما استتب أمر الحكم لأبي بكر، وكذا في خلافة عمر. وهذا يعني أنهم كانوا يؤمنون بالنص والتعيين النبوي ويذهب القول الثالث وهو ما عليه أغلب خصوم الشيعة. بأن التشيع وموالاة الإمام علي، إنما ظهر مع توليه عليه السلام الخلافة بعد عثمان.
وانفجار الحروب بينه وبين خصومه " الناكثين، والقاسطين، والمارقين " كما وصفهم عليه السلام، طلحة والزبير وعائشة، ومعاوية بن أبي سفيان.
ويرى أصحاب هذا الرأي أن من تبع الإمام علي ونصره في حروبه التي خاضها في زمن خلافته، كانوا هم نواة وسلف الشيعة الذين جاؤوا بعدهم، ابتداءا بحركة التوابين التي جاءت كرد فعل على مقتل الإمام الحسين بن علي في كربلاء على يد يزيد بن معاوية، ويقولون بأن مع هذه الحركة الثورية التي انطلقت مباشرة بعد حادثة كربلاء، سيبدأ خط التشيع العام في التبلور، ليضع لنفسه طريقا عرف به بين باقي الفرق الإسلامية.
إن الآراء في تحديد ظهور التشيع مختلفة، وإن كان رأي المحققين من الشيعة الإمامية وغيرهم قد توصلوا إلى أن التشيع بمعنى موالاة الإمام علي والقول بالنص على تعيينه إنما ظهر في عهد الرسول، لأنه (ص) نص فعلا على ولايته وذكر ذلك في مواقف متعددة. كان من أهمها حادثة البيعة العامة في " غدير خم " حين جمع الرسول (ص) الناس وأوقفهم في طريق عودته من حجة الوداع، وأعلن فيهم قائلا:
" أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بكم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا - يعني عليا - مولاه، اللهم وال من والاه وعاد