والذي يبعث على العجب فعلا هو ما قرأته بخصوص هذه الحادثة عند الدكتور عبد المجيد بدوي فهو يقول: " في محرم من عام (408 ه / 1017 م) حدثت مدبحة مروعة راح ضحيتها معظم الشيعة بجميع بلاد إفريقية بسبب جماعة منهم سبوا أبا بكر وعمر في مدينة القيروان إلى قوله وامتدت الفتنة إلى المدن الأخرى " (23). ففي الوقت الذي يقول المؤرخ ابن الأثير فسأل عنهم (المعز بن باديس)، فقيل: هؤلاء رافضة يسبون أبا بكر وعمر " يقول الدكتور:
" بسبب جماعة منهم سبوا أبا بكر وعمر في المدينة "، ولعمري إن الفرق كبير جدا بين العبارتين، فعبارة المؤرخ تعني إن أحدا من حاشية المعز قال هؤلاء يسبون أبا بكر وعمر. ولم يحدد المؤرخ من القائل، بل قال: " قيل " على وزن زعم، و " قيل " تحتمل الصدق والكذب. كما تشير إلى أن الذي قال: كان عدوا للشيعة ولسكان هذا الحي في القيروان.
الدكتور يحصر الأسباب في هجوم العامة على الشيعة لأنهم سبوا أبا بكر وعمر. أما ابن الأثير فيوضح الأسباب الحقيقية وراء هذه الهجمة الهمجية، وهي أسباب سياسية، وأطماع في النهب والسلب ليس إلا؟!.
أما حصر هذه الأسباب في سب الصحابة فإنه تبرير ضمني لمجزرة دموية، ستبقى عارا على جبين التاريخ الإسلامي؟!. لقد شبعنا وأتخمنا ومللنا سياسة التبرير التي سلكها فقهاء السلطان قديما، ويسلكها اليوم من يجتر تراث هؤلاء ويؤمن به!!.
برروا الظلم في السياسة، في الاقتصاد، في الاجتماع، وفي الدين، ويقفون بعد ذلك ليقولوا نريد أن ننهض؟! نريد أن نخرج من التخلف الحضاري، لنواكب مسيرة الأمم في التمدن والرقي؟!. إن منهج التبرير الذي ورثه الخلف عن السلف، ليس إلا طريق الكذب وتزوير الحقائق، وهل سنتمكن من