فقال: رضي الله عن أبي بكر وعمر.
فانصرفت العامة من فورها إلى درب المخلى من القيروان، وهو مكان تجتمع به الشيعة، فقتلوا منهم، وكان ذلك شهوة العسكر وأتباعهم طمعا في النهب، وانبسطت أيدي العامة في الشيعة. وأغراهم عامل القيروان وحرضهم. وسبب ذلك: أنه كان قد أصلح أمور البلد، فبلغه: أن المعز بن باديس يريد عزله، فأراد فساده. فقتل من الشيعة خلق كثير، وأحرقوا بالنار، ونهبت ديارهم، وقتلوا في جميع إفريقية.
واجتمع جماعة إلى قصر المنصور قريب القيروان فتحصنوا به، فحصرهم العامة، وضيقوا عليهم، فاشتد عليهم الجوع، فأقبلوا يخرجون، والناس يقتلونهم، حتى قتلوا عن آخرهم، ولجأ من كان منهم بالمهدية إلى الجامع فقتلوا كلهم (21).
وبعد، ما ذا يقول المفكرون الإسلاميون الذين يلهجون بتسامح الإسلام.
وأن الأقليات الدينية من يهود ونصارى قد عاشت في وئام وحفظ في المجتمع الإسلامي؟! وإذا كان صحيحا، فإن من يقول: " إن عزير ابن الله " ومن يقول " إن الله ثالث ثلاثة " لا يؤمن برسالة محمد بن عبد الله (ص) كان يعيش في أمن وأمان على روحه وماله، أما من كان يشهد بأن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، فقد كان يقتل في المساجد والطرقات، ويكبس في بيته ويحرق بالنار؟! لكنها السياسة كما قلنا سابقا، وسواء أكان الحنابلة أم غيرهم أداة التنفيذ، فإن الضحية واحدة هم الشيعة.
فترحم هذا الأمير على أبي بكر وعمر، يعتبر ضوءا أخضر لسفك دماء الأبرياء علما أنه وكما قال ابن الأثير " فسأل عنهم، فقيل هؤلاء رافضة