فرغم الضجيج الإعلامي حول انتصار هذه الجبهة في الانتخابات، وما قيل عنها وحولها فإن الوقوف أمام وصولها إلى سدة الحكم لم يكن بسبب المؤامرات الغربية الفرنسية والإقليمية فقط. ولكن بسبب مواقف هذه الحركة وأعمال وأقوال أصحابها. لقد كنت أتابع أحداث الجزائر وأراقب الوضع عن كثب. ولما تأكدت من أن الفكر السلفي هو المحرك والخلفية الدينية لهذه الحركة، شعرت بخيبة أمل، تنبأت يومها بمصير هذه الحركة وهي في أوج انتصارها. وقد كتب على واجهة المبنى الإداري لبلدية الجزائر. " بلدية الجزائر الإسلامية " وأخبرت بعض رجالات هذه الجبهة بأنكم لن تصلوا إلى الحكم.
لكني لم أفصح عن رأيي بصراحة، لم أعلن أمامهم عن السذاجة السياسية التي كانت تدار بها معركة الانتخابات. ولا قلت له أن الفكر السلفي الذي تعتمدونه هو أول عائق لديكم للوصول إلى الحكم، ومتابعة مسيرة الإنماء والتقدم في الجزائر. وإذا لم أستطع أن أعبر عن رأيي صراحة هناك. فإن ذلك بسب الخوف، لأن إلقائي مثل هكذا رأي في الأوساط السلفية الجبهوية كان يعني إصدار فتوى من أحد المراهقين الفقهاء - وما أكثر الفقهاء والمجتهدين في أوساط الشباب السلفي - بكفري وزندقتي، وإن لم أقتل فلا محالة سأتعرض للإهانة.
إن طبع الجزائري فيه حدة، وجاء الفكر السلفي لينمي هذه الحدة ويزيد عليها الجفاء، والغلظة الصحراوية. كل الظواهر السلفية السلبية الموجودة داخل المجتمع السلفي السعودي انتقلت إلى هناك. فلم يعد هناك مجال للنقاش بالحكمة والموعظة أو بالتي هي أحسن، بل أصبح شعار النقاش " بالتي هي أخشن ". أي فكرة أو أي رأي يخالف ما يقول به ابن تيمية أو ابن قيم الجوزية أو أتباعه من وهابية نجد. يعني الانحراف والشرك والكفر ثم لا يبقى سوى إعلان الجهاد.
لذلك كان الخوف والإرهاب هو سيد النقاشات مع أتباع السلف.