لخصومه ليصفوا لنا واقع الحال، بل نحيل أنفسنا إلى ما كتبه يراعه. يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب في إحدى رسائله معترفا: " أنا في بعض الحدة " والحق - يقول جلال كشك - أنها كانت حدة أكثر من المعتاد في الدعاة وقد ظلت ملازمة لتلاميذه وحركته بل تضاعفت " (121).
ولا شك أن هذه الحدة قد أهرقت بسببها دماء بريئة، وتعرض من جرائها خلق كثير للظلم والعدوان، ومن يراجع يوميات الدعوة الوهابية في فجر انتصاراتها الكبرى. سيرى التطبيق العملي لهذه الحدة، وكيف تعامل الوهابيون مع " المشركين " من أبناء الإسلام، وكيف كانوا يمارسون الدعوة لمذهبهم التوحيدي. فقد كانوا كما يقول الشاعر أبو تمام " السيف أصدق إنباء من الكتب ".
لقد استخدم السلفيون " حشوية الحنابلة " قديما وحديثا ترسانة من المصطلحات والأوصاف والنعوت، ما فتئوا يرمون بها كل من يخالفهم في الفروع أو الأصول. وهذه الترسانة يمكن تلخيصها ب " جهمي، ضال، منحرف عن السنة، رافضي، مشرك، مبتدع، صوفي، طرقي، قبوري، عابد الأصنام والأوثان، كافر، زنديق " وهلم جرا.
وهذه المصطلحات بما تتضمنه من مفاهيم عقائدية مختلفة يستخدمها السلفيون اليوم لوصف المسلمين ممن يشهد لله بالوحدانية ويؤمن بالرسل واليوم الآخر!!. أنظر مثلا لما يقوله داعية سلفي وهابي معاصر وهو عبد الرحمان بن حسن بن عبد الوهاب مجيبا عن سؤال: يقول: " فقد وردت علينا أسئلة من عمان، صدرت من جهمي ضال يستعجز بها بعض المسلمين (122). أنظر كيف حكم على السائل بأنه جهمي " أي معتزلي أو منزه