في السماء و " إن القرآن في الصحف " (116).
وقد كان الأحناف والشوافع معه في بلاء مستمر، وكانوا يقولون: " نحن في يد هذا الرجل في بلية من استيلائه علينا بالعامة " (117).
أما إذا رجعنا إلى " الكامل في التاريخ " لابن الأثير فسنجد أن فتنا كثيرة وقف وراءها الحنابلة بحجة الدعوة إلى مذهبهم أو محاربة من لا يعتقد نحلتهم.
يقول ابن الأثير في حوادث سنة 317 ه: " وفيها وقعت فتنة عظيمة ببغداد بين أصحاب أبي بكر المروذي الحنبلي وبين غيرهم من العامة، ودخل كثير من الجند فيها. وسبب ذلك أن أصحاب المروذي قالوا في تفسير قوله تعالى * (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) * هو أن الله يقعد النبي صلى الله عليه وسلم معه على العرش، وقالت الطائفة الأخرى إنما هو الشفاعة فوقعت الفتنة، واقتتلوا فقتل بينهم قتلى كثيرة " (118). وهذه ليس الفتنة الوحيدة التي ذكرها ابن الأثير بل هناك حوادث دامية كثيرة أشعل نارها الحنابلة باسم الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وراح ضحيتها عشرات القتلى.
لقد طال النزاع والصراع بين الحنابلة والشافعية وتعمقت الكراهية بين الفريقين. لدرجة أن الحنابلة كانوا يقفون في الطرقات ويترصدون الشوافع وينكلون بهم ضربا وتهجما، كل ذلك بقي أثره الواضح في التاريخ والكتابة والفكر. يقول صاحب النهج الأحمد: كل فريق منهما يؤلب على الفريق الآخر حتى صارت الكراهية التقليدية أنه إذا كتب فيما بعد واحد من