سواء منهم المخالف لآل سعود أو المناصر يؤكدون على أن الخلاف كان لا بد أن يقع، لأنه من باب الاختلاف بين الدولة والثورة. كان عبد العزيز تهمه الدولة وبقاؤها وكان يعلم بالأخطار المحدقة بما حققه من انتصارات وفتوحات، ولم يكن الإخوان يفهمون ولا يراعون ذلك إذ كان جل همهم منصبا في جهاد الكفار والمشركين من مسلمي العراق. لذلك كان الحد من تحركهم العسكري هو أساس خلافهم مع عبد العزيز بالإضافة إلى سياسة الملك في الحجاز بعد ما استولوا عليه. لقد كان الإخوان يتصرفون بغلظة وجلافة وكانوا يسيئون معاملة الحجاج. وتقع بسبب ذلك مشاكل لم يكن يتيسر حلها إلا بتخفيف حدة الإخوان والضغط عليهم. كل ذلك كان يزيد في الطين بلة.
أما تحجرهم وعدم قبولهم باستخدام بعض الأدوات الصناعية مثل التلفون والإذاعة وغير ذلك، فنعتقد أنه لم يكن سببا رئيسا في خلافهم مع الملك لأنهم بدو بعيدون عن الحضارة ولا بد أنهم سيعرفون آخر المطاف قيمة تلك الأشياء فيستأنسون بها استئناسهم بالبنادق الآلية بدل السيوف، وكذا المدافع والسيارات التي ركبوها أخيرا.
ومهما يكن من تعصبهم وشدة بعدهم عن الحضارة فإن دخولهم الأمصار المتمدنة مثل الحجاز والشام وكذا العراق كان كفيلا بالحد من خشونتهم وتطرفهم الحماسي. ونحن مع محمد أسد عندما أكد على أن " لو أتيح لهم إرشاد وتعليم صحيحان، فإن ورعهم الديني العميق كان خليقا به أن يمكنهم من توسيع أفقهم، وأن يصبحوا مع الزمن النواة لانبعاث جزيرة العرب كلها انبعاثا صحيحا (70). طبعا في كلام محمد أسد شئ من المبالغة في التفاؤل