يقول فاسيليف بعدما وصل عبد العزيز والجيش الإخواني إلى بلدة تربة واستولوا عليها وعلى مناطق أخرى، وصل من جدة رسول في (4 تموز 1919 م) يحمل رسالة من المعتمد البريطاني: " أمرتني حكومة جلالة الملك أن أبلغكم بأن تعودوا إلى نجد حالما يصل إلى يدكم كتابي هذا وتتركوا تربة والخرمة منطقة غير مملوكة حتى مفاوضات عقد الصلح وتحديد الحدود، وإذا أبيتم الرجوع بعد الاطلاع على هذا الكتاب فحكومة جلالة الملك تعد كل معاهدة بينكم وبيننا ملغية وتتخذ ما يلزم من التدابير ضد حركاتكم العدائية "، وطلب الإنجليز من عبد العزيز أن لا يتحرك نحو الطائف. وعندما استلم أمير الرياض هذا الإنذار أدرك بأنه تمادى كثيرا، فعاد إلى الرياض في الحال. وأمر الإخوان بأن يغادروا الواحات في هذه المنطقة واستبدلهم بفصيل وصل من منطقة حائل كما أعاد أمير تربة السابق إلى منصبه (68).
لقد كان من الصعب على الإخوان فهم هذه الدسائس والمؤامرات فليس هناك تراجع في الجهاد والفتوحات ولا نعلم كيف استطاع إقناعهم بالرجوع إلى الرياض؟.
لكن الإخوان كما قلت سابقا لم يكونوا يعلمون من سياسة بريطانيا في الجزيرة شيئا، حتى المعاهدات التي أبرمها ابن سعود مع بريطانيا لم يكونوا يعلمون عنها شيئا. كما لم يكونوا يعلمون أن جهادهم وهجومهم على جبل شمر وحائل كان بإيعاز من بريطانيا لأن إمارة حائل كانت موالية للدولة العثمانية.
الإخوان كانوا يجاهدون فقط عندما يؤمرون بذلك لتحقيق إحدى الحسنيين، الجنة أو الغنائم. لكنهم في الحقيقة كانوا يخدمون سياسة بريطانيا ويتبعون تعليماتها حرفا حرفا. لذلك لما بدأ الخلاف يستعر بين عبد العزيز وقادة الإخوان وخالفوا أوامره وبدأوا الغزو والجهاد على جنوب العراق