الصحيح للزهد والتربية الروحية (51).
فابن تيمية حسب هذا الرأي لم يرفض التصوف جملة وتفصيلا وإنما انتقد ما طرأ عليه من خروج على الأهداف ومناهج تربية الإسلامية الأصيلة. يقول ابن تيمية: وما وقع في هؤلاء من فساد الاعتقاد والأعمال أوجب إنكار طوائف لأصل طريقة المتصوفة بالكلية حتى صار المنحرفون صنفين: صنف يقر بحقها وباطلها، وصنف ينكر حقها وباطلها. كما عليه طوائف من أهل الكلام والفقه. والصواب: إنما هو الإقرار بما فيها وفي غيرها من موافقة الكتاب والسنة والإنكار لما فيها وفي غيرها من مخالفة الكتاب والسنة (52).
وهذا الرأي الذي ذكره الشيخ الحراني فيه من الوضوعية ما فيه، وقد شاركه فيه عدد ممن درس التصوف وتعرض لعلاج مشكلاته العقائدية والسلوكية.
فأغلب الفقهاء يقفون موقفا معاديا لعقائد الحلول ووحدة الوجود والاتحاد التي وصم بها ما يسمى التصوف الفلسفي مع ابن عربي وابن سبعين والحلاج وعمر بن الفارض وغيرهم.
وإن كان هؤلاء وأتباعهم قد جنحوا إلى التأويل، أي صرف ما يصدر عنهم من أقوال أو كتابات عن معناها الظاهري، الذي قد يفهم منه الحلول والاتحاد أو وحدة الوجود.
قد يعتقد البعض أن ما ذمه ابن تيمية في طريقة أهل التصوف هو ما يعرف عنهم من شطحات وأحوال غربية تطرأ على بعضهم فتخرجه عن الحال المألوف، فمنهم من يتفوه بكلمات غير مفهومة حال جذبه، وقد تكون تلك الكلمات أو العبارات تخالف بمنطوقها بعض عقائد الإسلام، كما ويصدر عن بعضهم أفعال تتعارض مع ما ندبت إليه الشريعة، كتمزيق الثياب والصياح والغيبوبة لساعات بل ربما لأيام كثيرة. بالإضافة إلى طريقتهم في المأكل