يكلف الناس ما لا يطيقون، وإن كان ابن تيمية قد اتسع عقله للجمع بين الإشارة الحسية وعدم الحلول في مكان والتنزيه المطلق، فعقول الناس لا تصل إلى سعة أفقه إن كان كلامه مستقيما " (39).
وخلاصة القول أن ابن تيمية فيما بذله من جهد كبير لعقلنة الحشو أو تراث التجسيم والتشبيه، سيصل في تحقيقه ومعالجته للصفات الخبرية إلا أن:
المذهب الحق الذي عليه السلف الصالح إزاء هذه الصفات هو إثباتها إثباتا حقيقيا لله تبارك وتعالى (40)، وأن هذا الإثبات الحقيقي بلا كيف ولا تمثيل ولا يؤدي إلى التجسيم أو التشبيه كما يتوهم خصومه من أهل السنة والجماعة.
لقد نوقش ابن تيمية في عقيدته هذه، كما نوظر في غيرها من الفتاوي التي خالف فيها إجماع المذاهب الأربعة. بالإضافة إلى ما انفرد به عن جميع طوائف الأمة، وذلك بخصوص تحريمه شد الرحال لزيارة قبر الرسول (ص).
لقد كانت الردود سريعة ومتنوعة من طرف علماء المذاهب السنية، فمنهم من ألف كتبا ورسائل نقضت ما جاء به ابن تيمية، ومنهم من أصدر فتاوى تدينه ولا تعترف له بأي أعلمية أو اجتهاد. بل وصل الحال ببعضهم إلى تكفيره أو اتهامه بالزندقة. سنحاول تتبع بعض آراء علماء أهل السنة في الرجل سواء من عاصره أو ممن جاء بعده واطلع على عقائده.
* * *