المذهب الحنبلي المعاصرين " السلفية "، من خلال تجميع وحشد الأحاديث المخالفة والمناقضة لما يذهبون إليه، لم يؤد إلى وضوح قضايا التوحيد الشائكة أمام أعين أبناء الصحوة الإسلامية، مما ساعد على انتشار الفكر العقائدي السلفي الذي يرفع شعار التوحيد ويدعو للابتعاد عن الشرك ومظاهره.
والسبب كما قلت يرجع إلى إهمال وعدم اعتبار الخلفية التاريخية والمذهبية للآراء والأفكار. فلو علم أبناء الصحوة أن مجمل ما يصلهم اليوم وبشكل عام ويقرأونه ويؤمنون به على أنه رأي الصحابة وعمل السلف الصالح، ليس سوى اختيارات المذهب الحنبلي في العقائد والفقه، واجتهادات رجالاته عبر التاريخ؟! في مقابل آراء واجتهادات واختيارات المذاهب الأخرى التي ظهرت للوجود قبل المذهب الحنبلي، بل قبل أن يولد مجتهدوه الكبار بقرون عدة. والكل يدعي ارتباطه بالسلف الصالح والصحابة ويسند أقواله وأفعاله لهم؟!!
ولو أتيح لغالبية أبناء الصحوة سبيل الاطلاع ومعرفة آراء وأفكار مذاهب أخرى لا يعرفون عنها شيئا، فمما لا شك فيه أنهم سيراجعون عددا لا بأس به من أفكار قدمت لهم على أنها عمل السلف الصالح ومعتقد صحابة رسول الله (ص)، بالتالي الحقيقة الإسلامية.
لذلك وتأكيدا لهذه الحقيقة ارتأيت في الفصل الأخير وأنا أرد على إتهامات السلفية للشيعة الإمامية أن أترك المجال لمجموعة من أبناء أهل السنة والسلفية لترد على هرطقات دعاء السلفية، انطلاقا من اطلاعهم الجديد على مذهب التشيع، واقتناعهم بحقائقه التي كانت غائبة عنهم أو لنقل غيبت عنهم، فاعتنقوا عقائد التشيع بعدما عرفوها وأصبحوا دعاتها والمدافعين عنها بكل حزم وقوة.
إن الخلفيات التاريخية والمذهبية والسياسية وكذا الاجتماعية هي التي تعطي للفكرة أو منظومة الأفكار الأبعاد الداخلية العميقة والصورة الشكلية