الدنيا، وأنه - أي ابن تيمية - نزل درجة من على المنبر قائلا كنزولي هذا.
وتابع الحاضرون نقاشاتهم بين مستنكر لما قاله ابن تيمية وبين معلق عليه...
لم أكن أعرف وقتها أن هناك صراعا عقائديا مريرا بين هؤلاء الطرقيين وبين المذهب الفقهي والأصولي المنتشر في جزء كبير من شبه الجزيرة العربية، لأنني كنت في بدايات تحصيلي العلوم الدينية. كما أن الكتب التي كانت تغزو الساحة آنذاك ومن بينها فتاوى ابن تيمية لم تكن تدعو لمذهب فقهي أو أصولي معين، أو معروف لدى أبناء الصحوة الإسلامية. وإنما هي دعوة للتشبث بالسنة النبوية والعمل بمقتضاها ورفض التقليد في الدين. وقد واكب ذلك انتشار كبير لآراء وفتاوى تخالف المذهب المالكي وأشهرها القبض في الصلاة بدل الاسبال.
أما الحوارات الفقهية والأصولية التي كانت تدور في ساحات الجامعة وداخل الفصول، فكانت تثير الكثير من التساؤلات، وذلك لوجود طلبة ممن لديهم اطلاع جيد على العلوم الإسلامية. فالآراء الجديدة كانت تجد معارضة قوية ويتحول النقاش في أحيان كثيرة إلى خصام واتهام الطرف الآخر بالجهل وقلة الاطلاع. وبعد ذلك ينقسم الطلبة إلى تيارين مختلفين ومتنافسين، ويبدأ كلا الفريقين في الدعوة لاختياراته الفقهية بالخصوص وتكثير الأتباع.
لقد شاركت في الكثير من هذه الحوارات والنقاشات الساخنة، وانتصرت لبعض الآراء الفقهية معتمدا على ما تجود به المكتبات من كتب حديثه طبعت في بيروت والقاهرة وفي بعض الأحيان في السعودية، ولم نكن نعرف عن أصحابها شيئا اللهم إلا ابتدائها ببسم الله الرحمان الرحيم، واحتضانها عشرات الأحاديث النبوية والآيات القرآنية!؟.
كنا نعتقد ونحن نناقش ونجادل أن حججنا قوية بما فيه الكفاية، وأن المخالف لنا إنما هو معاند ومكابر، متشبت بتقليد الآباء والأجداد دون علم أو تحقيق. لكن أحدا منا لم يكن يخطر بباله أن حقائقه الجديدة التي يدعو لها