إنما هي انتصار لمذهب فقهي وأصولي تجتاح كتبه الساحة الإسلامية في غفلة من باقي المذاهب الإسلامية الأخرى. كل ما هنالك أن هذه الآراء التي نقرأها هي جديدة بالنسبة لنا. فمثلا عندما قرأنا عن صفة صلاة النبي (ص) وجدنا أنه عليه السلام كان يضع يده اليمنى على اليسرى، لكننا وآباءنا نسدل أيدينا في الصلاة. وقد ورثنا ذلك خلف عن سلف دون أن نعرف الأدلة على ذلك، وعندما قرأنا كتبا تخالف ما نحن عليه وتنتصر بقول الرسول (ص) لم نجد بدا من اعتناق الرأي الجديد وضربنا بغيره عرض الحائط.
لكن السؤال الكبير الذي لم نكن نجد له جوابا شافيا، كان في حل هذا التناقض والاختلاف العلمي والنظري الذي بدأ يقسم الساحة إلى تيارين مختلفين ومتصارعين. فأغلب الفقهاء المالكية على سبيل المثال لا يقبضون في الصلاة بل يسدلون أيديهم. كما يؤيدون ما تقوم به الزوايا من مراسيم واحتفالات سنوية بالأولياء. بل إن الكثير منهم يشارك مشايخ الطرق الصوفية مجمل عقائدهم في التوسل والشفاعة ودعاء الأولياء وبناء القبور والأضرحة، هذه العقائد والاختيارات الفقهية درج الجميع عليها منذ قرون خلت.
وإذن كيف لم تصلهم هذه الأحاديث التي اكتشفناها نحن مؤخرا وعملنا بها؟!! في التوحيد والشرك ومحاربة البدع وصولا إلى القبض في الصلاة وغير ذلك من المسائل الفروعية؟!.
لن أكون مجانبا للصواب إذا قلت بأن مسألة التمذهب والمذهبية أو الاختيارات الفقهية والأصولية. كانت قضايا مبهمة لدينا ولدى غالبية الملتزمين الشباب من جيلنا. أولا لندرة الكتب التي تعالج هذه القضية الشائكة، ثانيا لعدم معرفتنا بتفاصيلها وخلفياتها التاريخية ونحن في بداية التحصيل العلمي الديني. زد على ذلك خلو الساحة من أي تعدد مذهبي فقهي أو أصولي، لأن منطقة المغرب العربي هي منطقة نفوذ تاريخي للمذهب المالكي. لذلك كانت معرفتنا بباقي المذاهب الفقهية والأصولية الأخرى