ثم قال بعد ذلك: ".. قد توافقنا على حدود الحق والباطل، وأخرجتكم من الشبهة إلى الحق، ومن الشك إلى اليقين، فتبرأوا - رحمكم الله - ممن نكثوا البيعتين، وغلب الهوى به فضل، وأبعدوا - رحمكم الله - ممن أخفى العذر وطلب الحق من غير أهله فتاه، والعنوا - رحمكم الله - من انهزم الهزيمتين إذ يقول الله: * (إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله) * (1) وقال: * (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين) * (2).
أغضبوا - رحمكم الله - على من غضب الله عليهم، وتبرأوا - رحمكم الله - ممن يقول فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " ترتفع يوم القيامة ريح سوداء تخطف من دوني قوما من أصحابي من عظماء المهاجرين فأقول:
أصحابي.. فيقال: يا محمد! إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ".
وتبرأوا - رحمكم الله - من النفس الضال من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال، فيقولوا: * (ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين) * (3) ومن قبل أن يقولوا: * (يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين) * (4) أو يقولوا: * (وما أضلنا إلا المجرمون) * (5) أو يقولوا: * (ربنا [إنا] أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا