قدره فالغيبة حرام بالاجماع لا سيما في حق أهل البيت والأولياء، لأن لحومهم سموم قاتلة كلحوم العلماء والأنبياء.
فليحذر المسلم جهده من هذه الخصلة الذميمة، ومن أولع بهذا فلا يفلح أبدا، فالأولياء كالأنبياء، فمن فرق بينهم حرم خيرهم وكفر نعمتهم.
ولكن أصحاب الغفلة، وأرباب الغرة، إذا هبت رياح صولتهم في زمان غفلتهم، فإنهم يلاحظون أهل الحقيقة بعين الاستحقار، ويحكمون علهم بضعف الحال، وينسبونهم إلى الضلال ويعدونهم من جملة الجهال، وذلك في زمان الغفلة، ومدة مهلة أهل الغيبة.
أما الذين لهم قوة اليقين، ونور البصيرة، فإنهم ساكنون تحت جريان الحكم: يرون الغائبات عن الحواس بعيون البصيرة من وراء ستر رقيق، فلا الطوارق تهزمهم، ولا هواجم الوقت تستفزهم، وعن قريب يلوح علم اليسر، وتنجلي سحائب العسر، ويمحق الله كيد الكائدين.
فأهل القلوب والبصائر، والذوق والمشاهدة، يؤثرون أهل البيت بالحب الصادق، والوفاء الكامل، والاخلاص المخلص، والاجلال الوافر لا ابتداعا منهم، بل امتثالا لأمر خالقهم، وتعظيما لقدر نبيهم، واستجابة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، وأبو الشيخ، وابن حبان في صحيحه، والبيهقي مرفوعا أنه صلى الله عليه وسلم قال:
(لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه، وتكون عترتي أحب إليه من عترته، وأهلي أحب إليه من أهله، وذاتي أحب إليه من ذاته).
وما أخرج البيهقي، وأبو الشيخ، وابن حبان في صحيحه عن علي كرم الله وجهه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضبا حتى استوى على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: (ما بال رجال يؤذونني في أهل بيتي؟ والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحبني، ولا يحبني حتى يحب ذريتي).