وأخرج الترمذي في سننه عن عمر بن أبي سلمة ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) في بيت أم سلمة رضي الله عنها، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم، فاطمة، وحسنا، وحسينا، فجللهم بكساء، وعلي خلف ظهره ثم قال: (اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا). قال أم سلمة: وأنا معهم يا رسول الله؟ قال: (أنت على مكانك، وأنت على خير). ها هم أهل البيت أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، كما نصت عليه هذه الآية الكريمة، وحدد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث اختصاصهم بهذا الفضل وحدهم دون أن يشاركهم فيه غيرهم.
وهذا الاختصاص يدل على أن أم سلمة كانت تسمع وترى وتقول: أنا معكم يا رسول الله؟ وترفع الكساء لتدخل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يجذبه منها ويقول لها: (أنت على مكانك وأنت على خير).
ولاختصاص هذه الآية الكريمة بأهل الكساء، أو أهل العباءة فقط دون سواهم، فإنه لا يضاف إلى هذه الخصوصية، ولا ينطوي تحت لوائها أحد غيرهم، حتى ولو كان هذا الغير هي أم سلمة نفسها، بل ولو كان هذا الغير هي زوجة من زوجات سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأم من أمهات المؤمنين رضوان الله تعالى عليهن أجمعين.
ولو جاز، أو صح غير هذا، لأذن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأم سلمة بالدخول تحت الكساء استجابة لرغبتها، وتطييبا لخاطرها، وتقديرا لإخلاصها ووفائها، أما وأن شيئا من ذلك لم يكن، وهو صلوات الله وسلامه عليه، أولى بالمؤمنين من أنفسهم، بل وهو بالمؤمنين رؤوف رحيم، لأنه البار العطوف، السمح الجواد، الناطق بالصدق والصواب، فقد تعين أن الآية لا تختص إلا بأهل الكساء فحسب، كما تواترت الأخبار والآثار الصحيحة بذلك، وهي حسب رواية أم سلمة