نعم هذه المعاني مقتضية للطلب بمعنى أنها بحيث لو لم يكن مانع خارجي تعلق بها الطلب، كما مر، وأين هذا من الملازمة.
ثم إنه قد تصدى بعض المحققين من المتأخرين () للجواب بناء على أخذ الطلب في مفاهيم تلك الألفاظ، بأن غاية ما يلزم من اعتبار الطلب فيها إنما هو تصور الطلب عن تلك الألفاظ، كتصور ذوات المفاهيم، لكنها لا تدل على وقوع الطلب على تلك المفاهيم، فإن ذلك مفاد الجملة، والمفرد لا يدل عليه، وهيئة الأمر دالة على وقوع هذا الطلب، فلا تكرار.
وفيه: أن الظاهر أن من اعتبره فيها إنما اعتبره بعنوان الفعلية - بمعنى أنها موضوعة للمفاهيم المطلوبة فعلا - وعدم دلالة المفرد مطلقا على الوقوع ممنوع، بل القيود المعتبرة في المفاهيم ينحل حقيقة إلى موضوع ومحمول ونسبة، فمعنى الصلاة المطلوبة أنها هي التي مطلوبة فتأمل.
ومنها: أنه لا إشكال عندهم في صحة النذر واليمين على ترك الصلاة في مكان مخصوص مكروه، أو مباح، وحصول الحنث بفعلها، ولازم القول بوضع الألفاظ التي منها لفظ الصلاة للصحيحة عدم صحة النذر واليمين وانعقادهما، لاستحالتهما حينئذ ولا حصول الحنث بفعل الصلاة بعدهما، التالي باطل بالإجماع، فالمقدم مثله.
بيان الملازمة: أنه إذا بنينا على وضع لفظ الصلاة مثلا - الذي هو أحد ألفاظ العبادات المتنازع فيها - للصحيحة فيكون متعلق النذر واليمين هو ترك الصلاة الصحيحة، لأنهما إنما يتعلقان بمدلول اللفظ، وقد عرفت انعقادهما أيضا، ومعنى انعقادهما أنهما إذا تعلقا بفعل شيء يصير تركه محرما، وإذا تعلقا بترك شيء يصير فعله محرما منهيا عنه، فعلى هذا فيكون فعل الصلاة منهيا عنه، وهو يدل على الفساد في العبادات، والفساد في المقام يوجب خروج الصلاة عن كونها متعلقة لهما، إذ المفروض تعلقهما بالصحيحة، فيلزم من انعقاد اليمين والنذر على ترك الصلاة عدم انعقادهما، ويكون دوريا وهو محال.