نعم ظروف الفعل قيود عقلية لا شرعية، لعدم اعتبار الشارع إياها في الموضوع، لكن العقل لما لاحظ أنه طلبه في الزمان الخاص أو المكان كذلك، يحكم بلزوم الامتثال والإطاعة بهذا النحو، وأنه لولاه لما برئ الذمة عن تبعة التكليف، فحينئذ لو فعله قبله فهو وإن كان فاسدا إلا أنه لعدم الأمر، لا لفقد الشرط، وأما إباحة المكان فيمكن دعوى أنها ليست من الشرائط المعتبرة في الموضوع، بل الغصب مانع عن تعلق الأمر في المكان المغصوب، نظير عدم القدرة المانع عن تعلقه به مطلقا إذا لم يقدر المكلف عليه مطلقا، أو بنحو خاص إذا لم يقدر عليه بهذا النحو فلما كان الموضوع متحققا في الخارج ولو على وجه الفساد، ولم يتوقف تحققه على تعلق الأمر به، فصدق الاسم حينئذ عليه وعدم صحة سلبه عنه لذلك، ولذا لو صلى بدون نية القربة أيضا يصدق الاسم حقيقة، ولا يصح السلب عنه كذلك، فإنها مما لا يتقوم إلا بالأمر، ولا يعقل اعتبارها في الموضوع.
والحاصل: أن الألفاظ المذكورة موضوعة للأفعال التي لو لا مانع عن تعلق الأمر بها، ولو لا فقد بعض الأمور المتقومة بالأمر المعتبرة في صحتها الفعلية - كنية القربة - لا تصف بالصحة بالمعنى الآخر - أعني موافقة امر الشارع - فعلى هذا لا تنافي تحققها في الخارج فاسدة بالمعنى الآخر، لعدم الأمر، أو لفقد بعض الأمور المذكورة، فتحقق أنها موضوعة للصحيحة بالمعنى الذي ذكرنا، للتبادر وأنه لا تنافي بين ذلك وبين صدق الاسم حقيقة على الأمثلة المتقدمة.
تذنيب: لا خفاء في الفرق بين الجزء والشرط من حيث المفهوم، حيث ما عرفت من أن الأول ما يكون جزء من المؤثر، ويستند إليه التأثير في الجملة، وأن الثاني ما يتوقف التأثير الفعلي للجزء عليه، بمعنى أن له دخلا في فعلية أثر الجزء، لكنه لا يستند إليه كما في (السكنجبين) حيث أن التبريد مستند إلى الخل والعسل، إلا أن تأثيرهما هذا الأثر فعلا يتوقف على اختلاطهما، ومزجهما، أو شربهما في آنية مخصوصة مثلا، فالمؤثر في تحقق عنوان العبادة في العبادات هي الأجزاء، إلا أن تأثيرها هذا الأثر في الخارج يتوقف على إيقاعها حال الطهارة وبنية القربة مثلا.
نعم قد يقع الاشتباه في بعض المصاديق من حيث كونه من أفراد الأول،