تكويني، واللازم - وهو صحة تلك العبادات بعد النهي - باطل بالإجماع، فيكشف عن بطلان الملزوم، وهو عدم دلالة النهي على الفساد.
وكيف كان فظهور النهي على فساد المنهي عنه في العبادات مما لا ريب فيه، ولازم القول بوضع الألفاظ للصحيحة بضميمة أصالة الحقيقة، الخروج عن هذا الظهور، مع أنه لم يقم دليل على وضعها للصحيحة، فيكون هذا خروجا عن مقتضى أصالة الظهور من دون دليل.
هذا مضافا إلى قيام الدليل القطعي على ثبوت الفساد في متعلقه في الأخبار فلا يمكن الخروج عن الظهور المذكور، فحينئذ لا بد من التزام وضع تلك الألفاظ للأعم واستعمالها فيه حقيقة أو وضعها للصحيحة واستعمالها في الأعم مجازا، الأول هو المطلوب، وأما الثاني فيرده أنه يبعد كون تلك الاستعمالات بأسرها مجازية.
هذا، وفيه أولا: أنه إن كان مراد المستدل بالصحيحة هي ما اخترناها، وهي موضوعات أوامر الشارع، فقد عرفت أنه يمكن اجتماعها للفساد واتصافها به من جهة فقد الأمر، أو انتفاء شرط من الشرائط الخارجة عن قيود الموضوع، فلا منافاة بينها وبين مفاد النهي، وهو الفساد، فلا يتم دعوى امتناع تعلق النهي بها لذلك.
وإن كان مراده هي الصحيحة بالمعنى المعروف، فلا ريب أنه لا يمكن اجتماعها مع نفس النهي فضلا عن اجتماعها مع الفساد، فإن الصحيحة بهذا المعنى عبارة عن الموافقة للأمر، فلا يكون إلا مأمورا به، ومعه كيف يتعقل ورود النهي بها وإن لم يكن دالا على الفساد.
نعم يمكن اجتماع الصحة بالمعنى الذي في المعاملات مع النهي، وهي ترتيب الأثر، وأما اجتماعها معه في العبادات بالمعنى المذكور، فهو ممتنع ضرورة، فحينئذ لا وجه لابتناء الدليل على امتناع اجتماع الصحة والفساد والسكوت عن امتناع اجتماعها مع نفس النهي الظاهر في التسليم.
وثانيا: أن التالي المدعى بطلانه إنما يلزم من إرادة الصحيحة من تلك الألفاظ في تلك الخطابات، لا من وضعها لها، فنقول: حينئذ إن المحذور المذكور