بين هذا القول وبين القول بوضعها للصحيحة في جهة الإجمال.
فلا بد على القولين، في مقام تشخيص أجزاء العبادات وشرائطها، من الرجوع إلى الآثار المأثورة من الأئمة الأطهار صلوات الله عليهم خصوصا أو عموما المحكية بألفاظ العبادات، فإن الغالب في الآثار الواردة في بيان الأجزاء والشرائط كونها ظاهرة في مقام تشخيص تمام الأجزاء والشرائط، فيصح التمسك بإطلاقها أو عمومها فيما يحتمل جزئية شيء أو شرطيته.
هذا، والإنصاف أنه لا محيص عن هذا الإشكال، لصدق ما تضمنه من الدعوى من وقوع ألفاظ العبادات واردة في مقام حكم آخر غير الإطلاق، فتصير المسألة معه عديمة الثمرة.
ومما يشهد على صدق الدعوى المذكورة، امتناع حمل الألفاظ المذكورة إذا وردت في حيز الأوامر الشرعية على الطبائع المطلقة اللا بشرط، لاستلزامه تخصيص الأكثر أو تقييده، ضرورة أن أكثر أفرادها فاسدة وخارجة عن الخطابات جدا، فلا بد من حملها على المعهود، أو على كونها في مقام التشريع مع سكوتها عن أن المراد مطلق الطبيعة، أو بعض الأفراد فرارا عن هذا المحذور، فتدبر وأنصف.
ثم إنه قد يجعل من ثمرات المسألة أمران:
الأول: جواز إجراء الأصل في نفي الجزئية والشرطية عند الشك فيهما على القول بوضعها للأعم، والبناء على الاشتغال على القول بوضعها للصحيحة، بل ظاهر كلام بعضهم انحصار الثمرة في ذلك.
وكيف كان فعلل ذلك بعضهم، بأنه على قول الأعمي لما كان المسمى معلوما، فيصدق الإطاعة بالإتيان به ما لم يعلم بفساده واعتبار أمر زائد على القدر المعلوم، فله أن يرجع إلى الأصل بالنسبة إلى ما شك في اعتباره شرطا أو شطرا.
هذا بخلاف القول الآخر أي وضعها للصحيحة إذ عليه ليس في المقام مسمى معلوم حتى يأتي به ويكون شكه راجعا إلى أمر زائد عن حقيقة المسمى، لأن المطلوب والمسمى واحد على هذا القول، فيكون الشك في أحدهما شكا في الآخر، فلا يصدق الامتثال على فعل ما يعلمها من الاجزاء والشرائط، للشك في